الرئيسية - التفاسير


* تفسير المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز/ ابن عطية (ت 546 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱذْكُـرْنَ مَا يُتْـلَىٰ فِي بُيُوتِكُـنَّ مِنْ آيَاتِ ٱللَّهِ وَٱلْحِكْـمَةِ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ لَطِيفاً خَبِيراً } * { إِنَّ ٱلْمُسْلِمِينَ وَٱلْمُسْلِمَاتِ وَٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ وَٱلْقَانِتِينَ وَٱلْقَانِتَاتِ وَٱلصَّادِقِينَ وَٱلصَّادِقَاتِ وَٱلصَّابِرِينَ وَٱلصَّابِرَاتِ وَٱلْخَاشِعِينَ وَٱلْخَاشِعَاتِ وَٱلْمُتَصَدِّقِينَ وَٱلْمُتَصَدِّقَاتِ وٱلصَّائِمِينَ وٱلصَّائِمَاتِ وَٱلْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَٱلْحَافِـظَاتِ وَٱلذَّاكِـرِينَ ٱللَّهَ كَثِيراً وَٱلذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً }

اتصال هذه الألفاظ التي هي { واذكرن } تعطي أن { أهل البيت } [الأحزاب: 33] نساؤه، وعلى قول الجمهور هي ابتداء مخاطبة أمر الله تعالى أزواج النبي عليه السلام على جهة الموعظة وتعديد النعمة بذكر ما يتلى في بيوتهن، ولفظ الذكر هنا يحتمل مقصدين كلاهما موعظة وتعديد نعمة: أحدهما أن يريد { اذكرن } أي تذكرنه واقدرنه قدره وفكرن في أن من هذه حاله ينبغي أن تحسن أفعاله. والآخر أن يريد { اذكرن } بمعنى احفظن واقرأن والزمنه الألسنة، فكأنه يقول واحفظوا أوامر الله ونواهيه، وذلك هو الذي { يتلى في بيوتكن من آيات الله } ، وذلك مؤد بكن إلى الاستقامة، { والحكمة } هي سنة الله على لسان نبيه دون أن يكون في قرآن متلو، ويحتمل أن يكون وصفاً للآيات، وفي قوله تعالى: { لطيفاً } تأنيس وتعديد لنعمه، أي لطف بكن في هذه النعمة، وقوله { خبيراً } تحذير ما، وقوله تعالى: { إن المسلمين والمسلمات } الآية روي عن أم سلمة أنها قالت: إن سبب هذه الآية أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله يذكر الله تعالى الرجال في كتابه في كل شيء ولا يذكرنا، فنزلت الآية في ذلك، وروى قتادة أن نساء من الأنصار دخلن على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فقلن لهن: ذكركن الله في القرآن ولم يذكر سائر النساء بشيء فنزلت الآية في ذلك، وروي عن ابن عباس أن نساء النبي قلن ما له تعالى يذكر المؤمنين ولا يذكر المؤمنات، فنزلت الآية في ذلك، وبدأ تعالى بذكر الإسلام الذي يعم الإيمان وعمل الجوارح، ثم ذكر الإيمان تخصيصاً وتنبيهاً على أنه عظم الإسلام ودعامته، و " القانت ": العابد المطيع، و " الصادق " معناه: فيما عوهد عليه أن يفي به ويكمله، و " الصابر ": عن الشهوات وعلى الطاعات في المكره والمنشط، و " الخاشع ": الخائف لله المستكين لربوبيته الوقور، و " المتصدق ": بالفرض والنفل، وقيل هي في الفرض خاصة، والأول أمدح، و " الصائم " كذلك: في الفرض والنفل، و " حفظ الفرج " هو: من الزنا وشبهه وتدخل مع ذلك الصيانة من جميع ما يؤدي إلى الزنا أو هو في طريقه، وفي قوله: { الحافظات } حذف ضمير يدل عليه المتقدم والحافظاتها، وفي { الذاكرات } أيضاً مثله، و " المغفرة " هي ستر الله ذنوبهم والصفح عنها، و " الأجر العظيم " الجنة.