الضمير في قوله { لنذيقنهم } لكفار قريش، أعلم الله تعالى أنه يصيبهم بعذاب دون عذاب الآخرة، واختلف المتأولون في تعيين { العذاب الأدنى } ، فقال إبراهيم النخعي ومقاتل: هم السنون التي أجاعهم الله تعالى فيها، وقال ابن عباس وأبي بن كعب: هو مصائب الدنيا من الأمراض ونحوها وقاله ابن زيد، وقال ابن مسعود والحسن بن علي هو القتل بالسيف كبدر وغيرها. قال الفقيه الإمام القاضي: فيكون على هذا التأويل الراجع غير الذي يذوق بل الذي يبقى بعده وتختلف رتبتا ضمير الذوق مع ضمير " لعل " وقال أبيّ بن كعب أيضاً هي البطشة، واللزام، والدخان. وقال ابن عباس أيضاً عنى بذلك الحدود. قال الفقيه الإمام القاضي: ويتجه على هذا التأويل أن تكون في فسقة المؤمنين، وقال مجاهد: عنى بذلك عذاب القبر، ثم قال تعالى: { ومن أظلم } على جهة التعجب، والتقدير أي لا أحد أظلم ممن هذه صفته، وهي بخلاف ما تقدم في صفة المؤمنين من أنهم إذا ذكروا بآيات الله خروا سجداً، ثم توعد تعالى { المجرمين } وهم المتجاسرون على ركوب الكفر والمعاصي بالنقمة، وظاهر الإجرام هنا أنه الكفر، وحكى الطبري عن يزيد بن رفيع أنه قال: إن قول الله تعالى في القرآن { إنا من المجرمين منتقمون } إنما هو في أهل القدر. قال الفقيه الإمام القاضي: يريد القائلين بأن الأمر أنف، وأن أفعال العبد من قبله، قال ثم قرأ يزيد بن رفيع{ إن المجرمين في ضلال وسعر يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مس سقر إنا كل شيء خلقناه بقدر } [القمر 47 - 49]. قال الفقيه الإمام القاضي: في هذا المنزع من البعد ما لا خفاء به، وروى معاذ بن جبل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " ثلاث من فعلهن فقد أجرم، من عقد لواء في غير حق، ومن عق والديه، ومن نصر ظالماً ".