الرئيسية - التفاسير


* تفسير المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز/ ابن عطية (ت 546 هـ) مصنف و مدقق


{ أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ يُولِجُ ٱلْلَّيْلَ فِي ٱلنَّهَارِ وَيُولِجُ ٱلنَّهَارَ فِي ٱلْلَّيْلِ وَسَخَّرَ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِيۤ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى وَأَنَّ ٱللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ } * { ذَلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ ٱلْبَاطِلُ وَأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْعَلِيُّ ٱلْكَبِيرُ }

هذا تنبيه خوطب به محمد صلى الله عليه وسلم والمراد به جميع العالم، وهذه عبرة تدل على الخالق المخترع أن يكون الليل بتدرج والنهار كذلك فما قصر من أحدهما زاد في الآخر ثم بالعكس ينقسم بحكمة بارىء العالم لا رب غيره، و { يولج } معناه يدخل، و " الأجل المسمى " القيامة التي تنتقض فيها هذه البنية وتكور الشمس، وقرأ جمهور القراء " بما تعملون " بالتاء من فوق، وقرأ عباس عن أبي عمرو " يعملون " بالياء، وقوله تعالى: { ذلك بأن الله هو الحق } الإشارة بـ { ذلك } إلى هذه العبرة وما جرى مجراها، ومعنى { هو الحق } أي صفة الألوهية له حق، فيحسن في القول تقدير ذو، وكذلك الباب متى أخبر بمصدر عن عين فالتقدير ذو كذا وحق مصدر منه قول الشاعر:

فإنما هي إقبال وإدبار   
وهذا كثير ومتى قلت كذا وكذا حق فإنما معناه اتصاف كذا بكذا حق، وقوله { وأن ما تدعون من دونه } يصح أن يريد الأصنام وتكون بمعنى الذي ويكون الإخبار عنها بـ { الباطل } على نحو ما قدمناه في { الحق } ، ويصح أن تكون { ما } مصدرية كأنه قال وأن دعاءكم من دونه آلهة الباطل أي الفعل الذي لا يؤدي إلى الغاية المطلوبة به، وقرأ الجمهور " تدعون " بالتاء من فوق، وقرأ " يدعون " بالياء ابن وثاب والأعمش وأهل مكة ورويت عن أبي عمرو، وباقي الآية بين.