الرئيسية - التفاسير


* تفسير المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز/ ابن عطية (ت 546 هـ) مصنف و مدقق


{ شَهِدَ ٱللَّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ وَٱلْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ ٱلْعِلْمِ قَآئِمَاً بِٱلْقِسْطِ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ }

أصل { شهد } في كلام العرب حضر، ومنه قوله تعالى:فمن شهد منكم الشهر فليصمه } [البقرة: 185] ثم صرفت الكلمة حتى قيل في أداء ما تقرر علمه في النفس بأي وجه تقرر من حضور أو غيره: شهد يشهد فمعنى { شهد الله } أعلم عباده بهذا الأمر الحق وبينه، وقال أبو عبيدة: { شهد الله } معناه، قضى الله وهذا مردود من جهات، وقرأ جميع القراء: { أنه لا إله } بفتح الألف من { أنه } وبكسرها من قوله:إن الدين } [آل عمران: 19] واستئناف الكلام، وقرأ الكسائي وحده " أن الدين " بفتح الألف، قال أبو علي: " أن " بدل من { أنه } الأولى، وإن شئت جعلته من بدل الشيء من الشيء وهو هو، لأن الإسلام هو التوحيد والعدل، وإن شئت جعلته من بدل الاشتمال لأن الإسلام يشتمل على التوحيد والعدل، وإن شئت جعلت " إن الدين " بدلاً من القسط لأنه هو في المعنى، ووجه الطبري هذه القراءة، بأن قدر في الكلام، واو عطف ثم حذفت وهي مرادة كأنه قال:وإن الدين } [آل عمران: 19] وهذا ضعيف، وقرأ عبد الله بن العباس: " إنه لا إله إلا هو " بكسر الألف من " إنه " ، وقرأ " أن الدين " بفتح الألف، فأعمل { شهد } في " أن الدين وجاء قوله: " إنه لا إله إلا هو " اعتراضاً جميلاً في نفس الكلام المتصل، وتأول السدي الآية على نحو قراءة ابن عباس فقال: الله وملائكته والعلماء يشهدون:إن الدين عند الله الإسلام } [آل عمران: 19] وقرأ أبو المهلب عم محارب بن دثار، " شهداء الله " على وزن فعلاء، وبالإضافة إلى المكتوبة، قال أبو الفتح، هو نصب على الحال من الضمير فيالمستغفرين } [آل عمران: 17] وهو جمع شهيد أو جمع شاهد كعالم وعلماء، وروي عن أبي المهلب هذا أنه قرأ " شهدُ الله " برفع الشهداء، وروي عنه أنه قرأ " شُهُد " الله " على وزن - فُعُل- بضم الفاء والعين ونصب شهداء على الحال، وحكى النقاش أنه قرىء " شُهُد الله " بضم الشين والهاء، والإضافة إلى المكتوبة قال: فمنهم من نصب الدال ومنهم من رفعها، وأصوب هذه القراءات قراءة الجمهور، وإيقاع الشهادة على التوحيد، و { الملائكة وأولو العلم } عطف على اسم الله تعالى، وعلى بعض ما ذكرناه من القراءات يجيء قوله: { والملائكة وأولو العلم } ايتداء وخبره مقدر، كأنه قال: { والملائكة وأولو العلم } يشهدون و { قائماً } نصب على الحال من اسمه تعالى في قوله: { شهد الله } أو من قوله { إلا هو } وقرأ ابن مسعود " القائم بالقسط " والقسط العدل.