{ نملي } معناه: نمهل ونمد في العمر، والملاوة: المدة من الدهر والملوان الليل والنهار وتقول: ملاك الله النعمة أي منحكها عمراً طويلاً، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو ونافع: " يحسبن " بالياء من أسفل وكسر السين وفتح الباء، وقرأ ابن عامر كذلك إلا في السين فإنه فتحها وقرأ حمزة تحسبن. بالتاء من فوق الباء، وقرأ ابن عامر كذلك إلا في -السين- فإنه فتحها، وقرأ حمزة " تحسبن ". بالتاء من فوق وفتح السين، وقرأ عاصم والكسائي، كل ما في هذه السورة بالتاء من فوق إلا حرفين، قوله { ولا يحسبن الذين كفروا } في هذه الآية وبعدها { ولا يحسبن الذين يبخلون } فأما من قرأ " ولا يحسبن " بالياء من أسفل فإن { الذين } فاعل وقوله { إنما نملي لهم خير } بفتح الألف من " أنما " ساد مسد مفعولي حسب، وذلك أن " حسب " وما جرى مجراها تتعدى إلى مفعولين أو إلى مفعول يسد مسد مفعولين، وذلك إذا جرى في صلة ما تتعدى إليه ذكر الحديث والمحدث عنه، قال أبو علي: وكسر " إن " في قوله من قرأ " يحسبن " بالياء لا ينبغي، وقد قرىء فيما حكاه غير أحمد بن موسى وفي غير السبع، ووجه ذلك أن يتلقى بها القسم كما يتلقى بلام الابتداء، ويدخلان على الابتداء والخبر، أعني -اللام- وإن فعلق عن " إنما " عمل الحسبان كما تعلق عن اللام في قولك: حسبت لزيد قائم، فيعلق الفعل عن العمل لفظاً، وأما بالمعنى فما بعد " أن أو اللام " ففي موضع مفعولي " حسب " ، وما يحتمل أن تكون بمعنى الذي، ففي { نملي } عائد مستكن، ويحتمل أن تكون مصدرية فلا تحتاج إلى تقدير عائد وأما من قرأ " ولا تحسبن " بالتاء فالذين مفعول أول للحسبان، قال أبو علي: وينبغي أن تكون الألف من " إنما " مكسورة في هذه القراءة، وتكون " إن " وما دخلت عليه في موضع المفعول الثاني لتحسبن، ولا يجوز فتح الألف من " إنما " لأنها تكون المفعول الثاني، والمفعول الثاني في هذا الباب هو المفعول الأول بالمعنى، والإملاء لا يكون إياهم، قال مكي في مشكله: ما علمت أحداً قرأ " تحسبن " بالتاء من فوق وكسر الألف من " إنما " وجوز الزجّاج هذه القراءة " تحسبن " بالتاء و " أنما " بفتح الألف، وظاهر كلامه أنها تنصب خيراً، قال وقد قرأ بها خلق كثير وساق عليها مثالاً قول الشاعر: [الطويل]
(فما كان قيسٌ هُلْكُهُ هُلْكُ وَاحِدٍ)
بنصب هلك الثاني على أن الأول بدل، فكذلك يكون { إنما نملي } بدلاً من { الذين كفروا } كقوله تعالى: