الرئيسية - التفاسير


* تفسير المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز/ ابن عطية (ت 546 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ } * { وَلَئِنْ مُّتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لإِلَى ٱلله تُحْشَرُونَ } * { فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ ٱللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ ٱلْقَلْبِ لاَنْفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَٱعْفُ عَنْهُمْ وَٱسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي ٱلأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُتَوَكِّلِينَ } * { إِن يَنصُرْكُمُ ٱللَّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا ٱلَّذِي يَنصُرُكُم مِّنْ بَعْدِهِ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ }

{ وَلَئِن قُتِلْتُمْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ وَلَئِن مُّتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ فِبَمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنَتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظَّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ }

اللام في قوله تعالى: { ولئن قتلتم } هي المؤذنة بمجيء القسم، واللام في قوله: { لمغفرة } هي المتلقية للقسم، والتقدير: والله لمغفرة، وترتب الموت قبل القتل في قولهما ماتوا وما قتلوا } [آل عمران: 156] مراعاة لرتبة الضرب في الأرض والغزو فقدم الموت الذي هو بإزاء المتقدم الذكر وهو الضرب، وقدم القتل في قوله تعالى: { ولئن قتلتم } لأنه ابتداء إخبار، فقدم الأشرف الأهم، والمعنى: أو متم في سبيل الله، فوقع أجركم على الله، ثم قدم الموت في قوله تعالى: { ولئن متم أو قتلتم } لأنها آية وعظ بالآخرة والحشر، وآية تزهيد في الدنيا والحياة، والموت المذكور فيها هو موت على الإطلاق في السبيل وفي المنزل وكيف كان، فقدم لعمومه وأنه الأغلب في الناس من القتل، وقرأ نافع وحمزة والكسائي " مِتم " بكسر الميم و " متنا " و " مت " بالكسر في جميع القرآن وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر: بضم الميم في جميع القرآن، وروى أبو بكر عن عاصم ضم الميم في جميع القرآن، وروى عنه حفص ضم الميم في هذين الموضعين " أو مُتم ولئن مُتم " فقط، وكسر الميم حيث ما وقعت في جميع القرآن، قال أبو علي: ضم الميم هو الأشهر والأقيس، مت تموت مثل: قلت تقول وطفت تطوف، والكسر شاذ في القياس وإن كان قد استعمل كثيراً، وليس كما شذ قياساً واستعمالاً كشذوذ اليجدع ونحوه، ونظير مت تموت بكسر الميم فضل بكسر الضاد يفضل في الصحيح وأنشدوا:

ذكرت ابن عباس بباب ابن عامر   وما مر من عمري ذكرت وما فضل
وقوله تعالى: { لمغفرة } رفع بالابتداء { ورحمة } ، عطف على المغفرة و { خير } خبر الابتداء، والمعنى: المغفرة والرحمة اللاحقة عن القتل أو الموت في سبيل الله خير، فجاء لفظ المغفرة غير معرف إشارة بليغة إلى أن أيسر جزء منها خير من الدنيا، وأنه كاف في فوز العبد المؤمن، وتحتمل الآية أن يكون قوله { لمغفرة } إشارة إلى القتل أو الموت في سبيل الله، سمى ذلك مغفرة ورحمة إذ هما مقترنان به ويجيء التقدير: لذلك مغفرة ورحمة وترتفع المغفرة على خبر الابتداء المقدر، وقوله { خير } صفة لخبر الابتداء، وقرأ جمهور الناس " تجمعون " بالتاء على المخاطبة وهي أشكل بالكلام، وقرأ قوم منهم عاصم فيما روى عن حفص " يجمعون " بالياء، والمعنى مما يجمعه المنافقون وغيرهم.

السابقالتالي
2 3