الرئيسية - التفاسير


* تفسير المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز/ ابن عطية (ت 546 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَلَقَدْ جَآءَهُمْ مُّوسَىٰ بِٱلْبَيِّنَاتِ فَٱسْتَكْبَرُواْ فِي ٱلأَرْضِ وَمَا كَانُواْ سَابِقِينَ } * { فَكُلاًّ أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّن أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً وَمِنْهُمْ مَّنْ أَخَذَتْهُ ٱلصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ ٱلأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَـٰكِن كَانُوۤاْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ }

نصب { قارون } إما بفعل مضمر تقديره اذكر وإما بالعطف على ما تقدم، و { قارون } من بني إسرائيل وهو الذي تقدمت قصته في الكنوز وفي البغي على موسى بن عمران عليه السلام، { وفرعون } مشهور، و { هامان } وزيره، وهو من القبط، و " البينات " المعجزات والآيات الواضحة، و { سابقين } ، معناه مفلتين من أخذنا وعقابنا، وقيل معناه { سابقين } أولياءنا، وقيل معناه { ما كانوا سابقين } الأمم إلى الكفر، أي قد كانت تلك عادة أمم مع رسل، والذين أرسل عليهم الحاصب قال ابن عباس: هم قوم لوط.

قال الفقيه الإمام القاضي: ويشبه أن يدخل قوم عاد في " الحاصب " لأن تلك الريح لا بد أنها كانت تحصبهم بأمور مؤذية، و " الحاصب " هو العارض من ريح أو سحاب إذا رمى بشيء، ومنه قول الأخطل: [الكامل]

ترمي العضاة بحاصب من ثلجها   حتى يبيت على العضاة جفالا
ومنه قول الفرزدق: [البسيط]

مستقبلين شمال الشام تضربهم   بحاصب كنديف القطن منثور
والذين أخذتهم { الصيحة } قوم ثمود، قاله ابن عباس وقال قتادة: هم قوم شعيب، و " الخسف " كان بقارون، قاله ابن عباس.

قال الفقيه الإمام القاضي: ويشبه أن يكون أصحاب الرجفة في هذا النوع من العذاب، والغرق كان في قوم نوح، وبه فسر ابن عباس وفي فرعون وحزبه، وبه فسر قتادة، وظلمهم أنفسهم كان بالكفر ووضع العبادة في غير موضعها وقدم المفعول على { يظلمون } للاهتمام وهذا نحوإياك نعبد } [الفاتحة: 5] وغيره، وحكى الطبري عن قتادة أن رجفة قوم شعيب كان صيحة أرجفتهم على هذا مع ثمود.