الرئيسية - التفاسير


* تفسير المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز/ ابن عطية (ت 546 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطاً قَالُواْ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَن فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ ٱمْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ ٱلْغَابِرِينَ } * { وَلَمَّآ أَن جَآءَتْ رُسُلُنَا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَقَالُواْ لاَ تَخَفْ وَلاَ تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلاَّ ٱمْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ ٱلْغَابِرينَ } * { إِنَّا مُنزِلُونَ عَلَىٰ أَهْلِ هَـٰذِهِ ٱلْقَرْيَةِ رِجْزاً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ } * { وَلَقَد تَّرَكْنَا مِنْهَآ آيَةً بَيِّنَةً لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ }

روي عن ابن عباس أن إبراهيم عليه السلام لما علم من قبل الملائكة أن قرية لوط تعذب أشفق على المؤمنين فجادل الملائكة وقال لهم: أرأيتم إن كان فيهم مائة بيت من المؤمنين أتتركونهم، قالوا ليس فيهم ذلك، فجعل ينحدر حتى انتهى إلى عشرة أبيات، فقال له الملائكة ليس فيهم عشرة ولا خمسة ولا ثلاثة ولا اثنان، فحينئذ قال إبراهيم { إن فيها لوطاً } فراجعوه حينئذ بأنا { نحن أعلم بمن فيها } أي لا تخف أن يقع حيف على مؤمن، وقرأ نافع وأبو عمرو وابن عامر " لننَجّينّه " بفتح النون الوسطى وشد الجيم و " منَجّوك " بفتح النون وشد الجيم.

وقرأ حمزة والكسائي " لننْجينه " بسكون النون وتخفيف الجيم، " ومنْجوك " ، بسكون النون وتخفيف الجيم، وقرأ ابن كثير وعاصم في رواية أبي بكر " لننجّينه " بالتشديد و " ومنجوك " بالتخفيف، وقرأت فرقة " لننجينْه " بسكون النون الأخيرة من الكلمة وهذا إنما يجيء على أنه خفف النون المشددة وهو يريدها، وامرأة لوط هذه كانت كافرة تعين عليه وتنبه على أضيافه، و " الغابر " الباقي ومعناه { من الغابرين } في العذاب، وقالت فرقة { من الغابرين } أي ممن عمر وبقي من الناس وعسا في كفره، والضمير في { بهم } في الموضعين عائد على الأضياف الرسل، وذلك من تخوفه لقومه عليهم فلما أخبروه بما هم فيه فرج عنه، وقرأ عامة القراء " سِيء " بكسر السين، وقرأ عيسى وطلحة بضمها، و " الرجز " ، العذاب، وقوله: { بما كانوا يفسقون } ، أي عذابهم بسبب فسقهم، وكذلك كل أمة عذبها الله، فإنما عذبها على الفسوق والمعصية لكن بأن يقترن ذلك بالكفر الذي يوجب عذاب الآخرة، وقرأ أبو حيوة والأعمش " يفسِقون " بكسر السين، وقوله تعالى: { ولقد تركنا منها } أي من خبرها وما بقي من أثرها، فـ " من " لابتداء الغاية ويصح أن تكون للتبعيض على أن يريد ما ترك من بقايا بناء القرية ومنظرها، و " الآية " موضع العبرة وعلامة القدرة ومزدجر النفوس عن الوقوع في سخط الله تعالى، وقرأ جمهور القراء " منِزلون " بتخفيف الزاي، وقرأ ابن عامر " منزِّلون " بشد الزاي وهي قراءة الحسن وعاصم بخلاف عنهما، وقرء الأعمش " إنا مرسلون " بدل { منزلون } ، وقرأ ابن محيصن " رُجزاً " بضم الراء.