الرئيسية - التفاسير


* تفسير المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز/ ابن عطية (ت 546 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ } * { وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَاناً فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءاً يُصَدِّقُنِي إِنِّيۤ أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ } * { قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَاناً فَلاَ يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآيَاتِنَآ أَنتُمَا وَمَنِ ٱتَّبَعَكُمَا ٱلْغَالِبُونَ } * { فَلَمَّا جَآءَهُم مُّوسَىٰ بِآيَاتِنَا بَيِّنَاتٍ قَالُواْ مَا هَـٰذَآ إِلاَّ سِحْرٌ مُّفْتَرًى وَمَا سَمِعْنَا بِهَـٰذَا فِيۤ آبَآئِنَا ٱلأَوَّلِينَ } * { وَقَالَ مُوسَىٰ رَبِّيۤ أَعْلَمُ بِمَن جَآءَ بِٱلْهُدَىٰ مِنْ عِندِهِ وَمَن تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ ٱلدَّارِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ٱلظَّالِمُونَ } * { وَقَالَ فِرْعَوْنُ يٰأَيُّهَا ٱلْملأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يٰهَامَانُ عَلَى ٱلطِّينِ فَٱجْعَل لِّي صَرْحاً لَّعَلِّيۤ أَطَّلِعُ إِلَىٰ إِلَـٰهِ مُوسَىٰ وَإِنِّي لأَظُنُّهُ مِنَ ٱلْكَاذِبِينَ } * { وَٱسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ وَظَنُّوۤاْ أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لاَ يُرْجَعُونَ }

كان موسى عليه السلام قد امتحن بمخاوف فطلب شد العضد بأخيه { هارون } لأنه كان فصيح اللسان سجيح الخلق، وقرأ الجمهور " ردءاً " بالهمز، وقرأ نافع وحده " رداً " بتنوين الدال دون همز وهي قراءة أبي جعفر والمدنيين وذلك على التخفيف من ردء، والردء الوزر المعين والذي يسند إليه في الأمر، وذهبت فرقة إلى أنها من معنى الزيادة كما قال الشاعر [القرطبي]: [الطويل]

وأسمر خطّي كأن كعوبه   نوى القسب قد أردى ذراعاً على العشر
وهذا على ترك الهمز وأن يكون وزنه فعلا، وقرأ الجمهور " يصدقْني " بالجزم وذلك على جواب { فأرسله } ، وقرأ عاصم وحمزة " يصدقني " أي مصدقاً فهو صفة للردء أو حال، و " شد العضد " استعارة في المعونة والإنهاض، وقرأ الحسن بضم العين " عضُد " ، وقرأ عيسى بن عمر بفتح العين والضاد، و " السلطان " ، الحجة، وقوله { بآياتنا } يحتمل أن تتعلق الباء بقوله { ونجعل لكما } أو بـ { يصلون } وتكون باء السبب، ويحتمل أن تتعلق بقوله { الغالبون } أي تغلبون بآياتنا، والآيات هي معجزاته عليه السلام، ولما كذبوه ورموه بالسحر قارب موسى عليه السلام في احتجاجه وراعه تكذيبهم فرد الأمر إلى الله عز وجل وعول على ما سيظهره في شأنهم وتوعدهم بنقمة الله تعالى منهم، وقرأ ابن كثير " قال موسى " بغير واو، وقرأ غيره وجميع السبعة " وقال " بواو، وقرأ الجمهور " تكون " بالتاء، وقرأ حمزة والكسائي " يكون " بالياء على التذكير إذ هي بمنزلة العاقب فهي كالصوت والصيحة والوعظ والموعظة، واستمر فرعون في طريق مخرقته على قومه وأمر { هامان } بأن يطبخ له الآجر وأن يبني له { صرحاً } أي سطحاً في أعلى الهواء، وليس الصرح إلا ما له سطح، ويحتمل أن يكون الإيقاد على الطين كالبرامي، وترجى بذلك بزعمه أن يطلع في السماء، فروي عن السدي أنه بناه أعلى ما يمكن ثم صعد فيه ورمى بالنبل فردها الله تعالى إليه مخضوبة بالدم ليزيدهم عمى وفتنة، فقال فرعون حينئذ: إني قتلت إله موسى، ثم قال { وإني لأظنه من الكاذبين } يريد في أن موسى أرسله مرسل، فالظن على بابه وهو معنى إيجاب الكفر بمنزلة التصميم على التكذيب، وقرأ حمزة والكسائي ونافع " لا يَرجِعون " ، وقرأ الباقون والحسن وخالد " لا يرجعون " بضم الياء وفتح الجيم.