الرئيسية - التفاسير


* تفسير المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز/ ابن عطية (ت 546 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَّيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ } * { فَأَخَذَتْهُمُ ٱلصَّيْحَةُ بِٱلْحَقِّ فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَآءً فَبُعْداً لِّلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ } * { ثُمَّ أَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قُرُوناً آخَرِينَ } * { مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ } * { ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَا كُلَّ مَا جَآءَ أُمَّةً رَّسُولُهَا كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضاً وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ فَبُعْداً لِّقَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ }

المعنى { قال } الله لهذا النبي الداعي { عما قليل } يندم قومك على كفرهم حين لا ينفعهم الندم، ومن ذكر { الصيحة } ذهب الطبري إلى أَنهم قوم ثمود، وقوله { بالحق } معناه بما استحقوا من أَفعالهم وبما حق منا في عقوبتهم، و " الغثاء " ما يحمله السيل من زبده ومعتاده الذي لا ينتفع به فيشبه كل هامد وتالف بذلك و { بعداً } منصوب بفعل مضمر متروك إظهاره ثم أخبر تعالى عن أنه " أنشأ " بعد هؤلاء أمماً كثيرة كل أمة بأجل في كتاب لا تتعداه في وجودها وعند موتها و { تترا } مصدر بمنزلة فعلى مثل الدعوى والعدوى ونحوها، وليس تترى بفعل وإنما هو مصدر من تواتر الشيء، وقرأ الجمهور " تترا " كما تقدم ووقفهم بالألف، وحمزة والكسائي يميلانها، قال أبو حاتم هي ألف تأنيث، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو " تتراً " بالتنوين ووقفهما بالألف وهي ألف إلحاق قال ابن سيده يقال جاءو " تَتْراً وتِتْراً " أي متواترين التاء مبدلة من الواو على غير قياس لأن قياس إبدال الواو تاء إنما هو في افتعل وذلك نحو اتزر واتجه، وقوله { أتبعنا بعضهم بعضاً } أي في الإهلاك، وقوله { وجعلناهم أحاديث } يريد أحاديث مثل، وقلَّما يستعمل الجعل حديثاً إلا في الشر.