الرئيسية - التفاسير


* تفسير المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز/ ابن عطية (ت 546 هـ) مصنف و مدقق


{ ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذٰلِكَ لَمَيِّتُونَ } * { ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ } * { وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَآئِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ ٱلْخَلْقِ غَافِلِينَ } * { وَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّٰهُ فِي ٱلأَرْضِ وَإِنَّا عَلَىٰ ذَهَابٍ بِهِ لَقَٰدِرُونَ } * { فَأَنشَأْنَا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ لَّكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ } * { وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَآءَ تَنبُتُ بِٱلدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِّلآكِلِيِنَ }

{ ذلك } إشارة إلى ما ذكر من هذه الأحوال، وقرأ ابن أَبي عبلة " لمايتون " بالألف، و { تبعثون } معناه من قبوركم أَحياء، وهذا خبر بالبعث والنشور، و " الطريق " كل ما كان طبقات بعضه فوق بعض، ومنه طارقت نعلي، ويريد بـ " السبع الطرائق " السماوات، ويجوز أن تكون " الطرائق " بمعنى المبسوطات من طرقت الشيء، وقوله تعالى: { وما كنا عن الخلق غافلين } نفي عام في إتقان خلقهم وعن مصالحهم وعن أَعمالهم، وقوله تعالى: { ماء بقدر } ، قال بعض العلماء أراد المطر، وقال بعضهم إنما أراد الأنهار الأربعة سيحان وجيحان والفرات والنيل، والصواب أن هذا كله داخل تحت الماء الذي أنزله الله تعالى، وقال مجاهد: ليس في الأرض ماء إلا وهو من السماء ويمكن أَن يقيد هذا بالعذب وإلا فالأجاج ثابت في الأرض مع القحط والعذب يقل مع القحط، وأيضاً فالأحاديث تقتضي الماء الذي كان قبل خلق السماوات والأرض، ولا محالة أَن الله قد جعل في الأرض ماء وأنزل من السماء ماء، وقوله، { بقدر } ، أي على مقدار مصلح لأَنه لو كثر أهلك، { فأنشأنا } ، معناه فأوجدنا وخلقنا، وذكر تعالى " النخيل والأعناب " لأَنها ثمرة الحجاز بالطائف والمدينة وغيرهما قاله الطبري، ولأنهما أيضاً أشرف الثمار فذكرها مثالاً تشريفاً لها وتنبيهاً عليها، وقوله { لكم فيها } يحتمل أن يعود الضمير على الجنات فيريد حينئذ جميع أنواع الفاكهة، ويحتمل أن يعود على النخيل والأعناب خاصة، إذ فيها مراتب وأنواع والأول أعم لسائر الثمرات، وقوله { وشجرة } عطف على قوله { جنات } ويريد بها الزيتونة وهي كثيرة في { طور سيناء } من أرض الشام وهو الجبل الذي كلم فيه موسى عليه السلام قاله ابن عباس وغيره، و " الطور " الجبل في كلام العرب وقيل هو مما عرب من كلام العجم واختلف في { سيناء } فقال قتادة معناه الحسن ويلزم على هذا التأويل أَن ينون " الطور " وقال مجاهد معناه مبارك، وقال معمر عن فرقة معناه ذو شجر ع ويلزمهم أن ينون " الطور " ، وقال الجمهور هو اسم الجبل كما تقول جبل أحد، و { سيناء } ، اسم مضاف إليه الجبل، وقرأ نافع وأبو عمرو وابن كثير " سِيناء " بكسر السين، وقرأ الباقون وعمر بن الخطاب " سَيناء " بفتح السين، وكلهم بالمد، فعلى فتح السين لا ينصرف الاسم بوجه، وعلى كسر السين فالهمزة كهمزة حرباء ولم يصرف في هذه الآية لأَنه جعل اسم بقعة أو أَرض، وقرأ الجمهور، " تنبُت " بفتح التاء وضم الباء فالتقدير تنبت ومعها الدهن كما تقول خرج زيد بسلاحه، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو " تُنبت " بضم التاء واختلف في التقدير على هذه القراءة، فقالت فرقة الباء زائدة وهذا كقوله

السابقالتالي
2