{ كأين } هي كاف التشبيه دخلت على " أي " قال سيبويه وقد أوعبت القول في هذه اللفظة وقراءتها في سورة آل عمران في قوله{ وكأين من نبي قاتل } [آل عمران: 146]، وهي لفظة إخبار وقد تجيء استفهاماً، وحكى الفراء " كأين ما لك " ، وقرأت فرقة " أهلكناها " ، وقرأت فرقة " أهلكتها " ، بالإفراد والمراد أهل القرية و { ظالمة } معناه بالكفر، و { خاوية } ، معناه خالية ومنه خوى النجم إذا خلا من النور، ونحوه ساقطة { على عروشها } ، والعرش السقوف والمعنى أن السقوف سقطت ثم وقعت الحيطان عليها فهي على العروش، { وبئر } ، قيل هو معطوف على " العروش " وقيل على " القرية " وهو أصوب، وقرأت فرقة " وبيئر " بهمزة وسهلها الجمهور، وقرأت فرقة " مَعْطَلة " بفتح الميم وسكون العين وفتح الطاء وتخفيفها، والجمهور على " مُعَطّلة " بضم الميم وفتح العين وشد الطاء، و " المشيد " المبني بالشيد وهو الجص، وقيل " المشيد " المعلى بالآجر ونحو: فمن الشيد قول عدي بن زيد:
شاده مرمراً وجلله كلساً
فللطير في ذراه وكور
شاد بنى، بالشيد والأظهر في البيت أنه أراد علاه بالمرمر، وقالت فرقة في هذه الآية إن { مشيد } معناه معلى محصناً، وجملة معنى الآية تقتضي أنه كان كذلك قبل خرابه ثم وبخهم على الغفلة وترك الاعتبار بقوله، { أفلم يسيروا في الأرض } أي في البلاد فينظروا في أحوال الأمم المكذبة المعذبة، وهذه الآية تقتضي أن العقل في القلب وذلك هو الحق ولا ينكر أن للدماغ اتصالاً بالقلب يوجب فساد العقل متى اختل الدماغ، { فتكون } ، نصب بالفاء في جواب الاستفهام صرف الفعل من الجزم إلى النصب، وقوله { فإنها لا تعمى الأبصار } ، لفظ مبالغة كأنه قال: ليس العمى عمى العين وإنما العمى حق العمى عمى القلب، ومعلوم أن الأبصار تعمى ولكن المقصد ما ذكرناه، وهذا كقوله عليه السلام، " ليس الشديد بالصرعة وليس المسكين بهذا الطواف " والضمير في { فإنها } للقصة ونحوها من التقدير وقوله { التي في الصدور } ، مبالغة كقوله{ يقولون بأفواههم } [آل عمران: 167] كما تقول: نظرت إليه بعيني ونحو هذا، والضمير في { يستعجلونك } لقريش، وقوله { ولن يخلف الله وعده } ، وعد ووعيد وإخبار بأن كل شيء إلى وقت محدود، و " الوعد " هنا مقيد بالعذاب فلذلك، ورد في مكروه، وقوله { وإن يوماً عند ربك كألف سنة } ، قالت فرقة: معناه { وإن يوماً } من أيام عذاب الله { كألف سنة } مما تعدون من هذه لطول العذاب وبؤسه، فكأن المعنى فما أجهل من يستعجل هذا وقالت فرقة معناه { وإن يوماً } عند الله لإحاطته فيه وعلمه وإنفاذه قدرته { كألف سنة } عندكم ع وهذا التأويل يقتضي أن عشرة آلاف سنة وإلى مالا نهاية له من العدد في حكم الألف ولكنهم قالوا ذكر الألف لأنه منتهى العدد دون تكرار فاقتصر عليه ع وهذا التأويل لا يناسب الآية، وقالت فرقة: أن المعنى أن اليوم عند الله كألف سنة من هذا العدد، من ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم