الرئيسية - التفاسير


* تفسير المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز/ ابن عطية (ت 546 هـ) مصنف و مدقق


{ وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطاً إِلَى ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ } * { وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلاًّ جَعَلْنَا صَالِحِينَ } * { وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَآ إِلَيْهِمْ فِعْلَ ٱلْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ ٱلصَّلاَة وَإِيتَآءَ ٱلزَّكَـاةِ وَكَانُواْ لَنَا عَابِدِينَ }

روي أن إبراهيم عليه السلام لما أخرج من النار أحضره النمرود وكلمه ثم ختم الله عليه بالكفر فلج وقال لإبراهيم في بعض قوله يا إبراهيم أين جنود ربك الذي تزعم، فقال له سيريك فعل أضعف جنوده، فبعث الله تعالى على نمرود وأصحابه سحابة من بعوض، فأكلتهم عن آخرهم ودوابهم حتى كانت العظام تلوح بيضاً، ودخلت منها بعوضة في رأس نمرود فكان رأسه يضرب بالعيدان ودام يعذبه بها زماناً طويلاً وهلك منها وخرج إبراهيم عليه السلام وابن أخيه لوط من تلك الارض مهاجرين وهي كوثا من العراق ومع إبراهيم ابنة عمه سارة زوجته، وفي تلك السفرة لقى الجبار الذي رام أخذها منه واختلف الناس في { الأرض } التي بورك فيها ولجأ إليها إبراهيم ولوط عليهما السلام، فقالت فرقة هي مكة وذكروا قول الله تعالى:للذي ببكة مباركاً } [آل عمران: 96] وقال الجمهور من أرض الشام وهي الأرض التي بارك فيها أما من جهة الآخرة فبالنبوءة وأما من جهة الدنيا ففي أطيب بلاد الله أرضاً وأعذبها ماء وأكثرها ثمرة ونعمة وهو الموضع المعروف بسكنى إبراهيم وعقبه.

وروي أنه ليس في الأرض ماء عذب إلا وأصله وخروجه من تحت صخرة بيت المقدس ع وهذا ضعيف وهي أرض المحشر وبها مجمع الناس وبها ينزل عيسى ابن مريم وبها يهلك المسيح الدجال.

وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال يوماً في خطبته: " إنه كان بالشام جند وبالعراق جند وباليمن جند فقال رجل يا رسول الله خر لي فقال عليك بالشام فإن الله تعالى قد تكفل لي الشام وأهله فمن بقي فليلحق ما منه وليس بعدره " ، وقال عمر لكعب الأحبار ألا تتحول إلى المدينة، فقال يا أمير المؤمنين إني أجد في كتاب الله تعالى المنزل أن الشام كنز الله من أرضه وبها كنزه من عباده.

وروي أن إبراهيم ولوطاً هاجرا من كوثا ومرا بمصر وليست بالطريق ولكنهم نكبوا خوف الإتباع حتى جاؤوا الشام فنزل إبراهيم السبع من أرض فلسطين وهي برية الشام ونزل لوط بالمؤتفكة، و { إسحاق } بن إبراهيم و { يعقوب } ولد إسحاق و " النافلة " العطية كما تقول نفلني الإمام ونافلة الطاعة كأنها عطية من الله تعالى لعباده يثيبهم عليها، وقالت فرقة الموهوب { إسحاق } و " النافلة " { يعقوب } والأول أبين، و { يهدون } معناه يرشدون غيرهم و " الإقام " مصدر وفي هذا نظر.