الرئيسية - التفاسير


* تفسير المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز/ ابن عطية (ت 546 هـ) مصنف و مدقق


{ لَوْ يَعْلَمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ حِينَ لاَ يَكُفُّونَ عَن وُجُوهِهِمُ ٱلنَّارَ وَلاَ عَن ظُهُورِهِمْ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ } * { بَلْ تَأْتِيهِم بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ رَدَّهَا وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ } * { وَلَقَدِ ٱسْتُهْزِىءَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ فَحَاقَ بِٱلَّذِينَ سَخِرُواْ مِنْهُمْ مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ }

حذف جواب { لو } إيجازاً لدلالة الكلام عليه وأبهم قدر العذاب لأنه أبلغ وأهيب من النص عليه وهذا محذوف نحو قوله تعالى:ولو أن قرآناً سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض } [الرعد: 31]، ويقدر المحذوف في جواب هذه الآية لما استعجلوه ونحوه، وقوله { حين لا يكفون عن وجوههم النار } يريد يوم القيامة، وذكر " الوجوه " خاصة لشرفها من الإنسان وأنها موضع حواسه وهو أحرص على الدفاع عنه، ثم ذكر " الظهور " ليبين عموم النار لجميع أبدانهم، وقوله { بل يأتيهم } استدراك مقدر قبله نفي تقديره ان الآيات لا تأتي بحسب اقتراحهم { بل تأتيهم بغتة } ، والضمير للساعة التي تصيرهم إلى العذاب ويحتمل أن يكون لـ { النار } ، وقرأت فرقة " يأتيهم " بالياء على أن الضمير للوعد " فيبهتهم " بالياء أيضاً، والبغتة الفجأة من غير مقدمة، و { ينظرون } معناه يؤخرون ثم آنس تعالى محمداً صلى الله عليه وسلم بما جرى على سائر الأنبياء من استهزاء قومهم بهم وحلول العذاب بالمستهزئين، و " حاق " معناه نزل وحل وهي مستعملة في العذاب والمكاره، وقوله { ما كانوا } فيه محذوف تقديره جزاء ما كانوا أو نحوه ومع هذا التأنيس الذي لمحمد صلى الله عليه وسلم وعيد للكفرة وضرب مثل لهم بمن سلف من الأمم.