الرئيسية - التفاسير


* تفسير المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز/ ابن عطية (ت 546 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ يَٰقَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِٱتِّخَاذِكُمُ ٱلْعِجْلَ فَتُوبُوۤاْ إِلَىٰ بَارِئِكُمْ فَٱقْتُلُوۤاْ أَنفُسَكُمْ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ } * { وَإِذْ قُلْتُمْ يَٰمُوسَىٰ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّىٰ نَرَى ٱللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ ٱلصَّٰعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنظُرُونَ }

هذا القول من موسى صلى الله عليه وسلم كان بأمر من الله تعالى، وحذفت الياء في " يا قومي " لأن النداء موضع حذف وتخفيف، والضمير في " اتخاذكم " في موضع خفض على اللفظ، وفي موضع رفع بالمعنى، " العجل " لفظة عربية، اسم لولد البقرة.

وقال قوم: سمي عجلاً لأنه استعجل قبل مجيء موسى عليه السلام.

قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وليس هذا القول بشيء.

واختلف هل بقي العجل من ذهب؟ قال ذلك الجمهور وقال الحسن بن أبي الحسن: صار لحماً ودماً، والأول أصح.

و " توبوا ": معناه ارجعوا عن المعصية إلى الطاعة.

وقرأ الجمهور: " بارئِكم " بإظهار الهمزة وكسرها.

وقرأ أبو عمرو: " بارئْكم " بإسكان الهمزة.

وروي عن سيبويه اختلاس الحركة وهو أحسن، وهذا التسكين يحسن في توالي الحركات.

وقال المبرد: لا يجوز التسكين مع توالي الحركات في حرف الإعراب، وقرءاة أبي عمرو " بارئكم " لحن.

قال القاضي أبو محمد عبد الحق رحمه الله: وقد روي عن العرب التسكين في حرف الأعراب، قال الشاعر: [الرجز]

إذا اعوججن قلت صاحب قوم   
وقال امرؤ القيس: [السريع]

فاليوم أشرب غير مستحقب   إثماً من الله ولا واغل
وقال آخر: [الرجز]

قالت سليمى اشتر لنا سويقا   
وقال الآخر: [السريع]

وقد بدا هَنْكِ مِن المِئْزَرِ   
وقال جرير:

ونهر تيري فما تعرفْكُمُ العربُ   
وقال وضاح اليمن: [الرجز]

إنما شعري شهد قد خلط بجلجلان   
ومن أنكر التسكين في حرف الإعراب فحجته أن ذلك لا يجوز من حيث كان علماً للإعراب.

قال أبو علي: وأما حركة البناء فلم يختلف النحاة في جواز تسكينها مع توالي الحركات.

وقرأ الزهري: " باريكم " بكسر الياء من غير همز، ورويت عن نافع.

وقرأ قتادة: " فاقتالوا أنفسكم ": وقال: " هي من الاستقالة ".

قال أبو الفتح: " اقتال " هذه افتعل، ويحتمل أن يكون عينها واواً كاقتادوا، ويحتمل أن يكون ياء " كاقتاس " والتصريف يضعف أن تكون من الاستقالة، ولكن قتادة رحمه الله ينبغي أن يحسن الظن به في أنه لم يورد ذلك إلا بحجة عنده.

وقوله تعالى: { فتاب عليكم } قبله محذوف تقديره ففعلتم.

وقوله { عليكم } معناه: على الباقين، وجعل الله تعالى القتل لمن قتل شهادة وتاب على الباقين وعفا عنهم.

قال بعض الناس: { فاقتلوا } في هذه الآية معناه بالتوبة وإماتة عوارض النفوس من شهوة وتعنت وغضب، واحتج بقوله عليه السلام في الثوم والبصل فلتمتهما طبخاً، وبقول حسان:

قتلت قتلت فهاتها لم تقتل   
وقوله تعالى: { وإذ قلتم يا موسى } يريد السبعين الذين اختارهم موسى، واختلف في وقت اختيارهم.

السابقالتالي
2