الرئيسية - التفاسير


* تفسير المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز/ ابن عطية (ت 546 هـ) مصنف و مدقق


{ فَتَلَقَّىٰ ءَادَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَٰتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ } * { قُلْنَا ٱهْبِطُواْ مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } * { وَٱلَّذِينَ كَفَرواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَٰتِنَآ أُولَـٰئِكَ أَصْحَٰبُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَٰلِدُونَ }

المعنى: فقال الكلمات فتاب الله عليه عند ذلك، و { آدمُ } رفع بـ " تلقى " ، و { كلمات } نصب بها، والتلقي من آدم هو الإقبال عليها والقبول لها والفهم.

وحكى مكي قولاً: أنه أُلهِمَهاها فانتفع بها.

وقرأ ابن كثير: " آدمَ " بالنصب. " من ربه كلماتٌ " بالرفع، فالتلقي من الكلمات هو نيل آدم بسببها رحمة الله وتوبته.

واختلف المتأولون في الكلمات، فقال الحسن بن أبي الحسن: هي قوله تعالى:ربنا ظلمنا أنفسنا } الآية [الأعراف: 23]. وقال مجاهد: " هي أن آدم قال: سبحانك اللهم لا إله أنت ظلمت نفسي فاغفر لي إنك أنت التواب الرحيم ".

وقال ابن عباس: " هي أن آدم قال: أي رب ألم تخلقني بيدك؟ قال: بلى، قال: أي رب ألم تنفخ فيّ من روحك؟ قال بلى، أي رب ألم تسكني جنتك؟ قال: بلى. قال: أرأيت إن تبت وأطعت أراجعي أنت إلى الجنة؟ قال: نعم ".

قال عبيد بن عمير: " إن آدم قال: أي رب أرأيت ما عصيتك فيه أشيء كتبته على أم شيء ابتدعته؟ قال: بل شيء كتبته عليك. قال: أي رب كما كتبته علي فاغفر لي ".

وقال قتادة: " الكلمات هي أن آدم قال: أي رب أرأيت إن أنا تبت وأصلحت؟ قال: إذاً أدخلك الجنة ".

وقالت طائفة: إن المراد بالكلمات ندمه واستغفاره وحزنه، رسول الله " فتشفع بذلك، فهي الكلمات ".

وقالت طائفة: " إن المراد بالكلمات ندمه واستغفاره وحزنه، وسماها كلمات مجازاً لما هي في خلقها صادرة عن كلمات، وهي كن في كل واحدة منهن، وهذا قول يقتضي أن آدم لم يقل شيئاً إلا الاستغفار المعهود ".

وسئل بعض سلف المسلمين عما ينبغي أن يقوله المذنب، فقال: يقول ما قال أبواه، { ربنا ظلمنا أنفسنا }. وما قال موسى:رب إنّي ظلمت نفسي فاغفر لي } [القصص: 16]. وما قال يونس:لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين } [الأنبياء: 87].

و { تاب عليه } معناه رجع به، والتوبة من الله تعالى الرجوع على عبده بالرحمة والتوفيق، والتوبة من العبد الرجوع عن المعصية والندم على الذنب مع تركه فيما يستأنف وإنما خص الله تعالى آدم بالذكر هنا في التلقي والتوبة، وحواء مشاركة له في ذلك بإجماع لأنه المخاطب في أول القصة بقوله: { اسكن أنت وزوجك الجنة } فلذلك كملت القصة بذكره وحده، وأيضاً فلأن المرأة حرمة ومستورة فأراد الله الستر لها، ولذلك لم يذكرها في المعصية في قوله:وعصى آدم ربه فغوى } [طه: 121].

وروي أن الله تعالى تاب على آدم في يوم عاشوراء.

وكنية آدم أبو محمد، وقيل أبو البشر.

السابقالتالي
2 3