{ أنبئهم } معناه أخبرهم، وهو فعل يتعدى إلى مفعولين أحدهما بحرف جر وقد يحذف حرف الجر أحياناً، تقول نبئت زيداً. قال سيبويه: معناه نبئت عن زيد. والضمير في { أنبئهم } عائد على الملائكة بإجماع، والضمير في أسمائهم مختلف فيه حسب الاختلاف في الأسماء التي علمها آدم. قال أبو علي: " كلهم قرأ " أنبئهُم " بالهمز وضم الهاء، إلا ما روي عن ابن عامر، " أنبئِهم " بالهمز وكسر الهاء، وكذلك روى بعض المكيين عن ابن كثير، وذلك على إتباع كسرة الهاء لكسرة الباء، وإن حجز الساكن فحجزه لا يعتد به ". قال أبو عمرو الداني: " وقرأ الحسن والأعرج: " أنبيهم " بغير همز ". قال ابن جني: " وقرأ الحسن أنبهِم " ، على وزن " أعطهِم " ، وقد روي عنه، " انبيهم " بغيرهمز ". قال أبو عمرو: " وقد روي مثل ذلك عن ابن كثير من طريق القواس ". قال أبو الفتح: أما قراءة الحسن، " أنبهم " " كأعطهم " فعلى إبدال الهمزة ياء، على أنك تقول " أنبيت " كأعطيت، وهذا ضعيف في اللغة، لأنه بدل لا تخفيف والبدل عندنا لا يجوز إلا في ضرورة شعر. قال بعض العلماء: إن في قوله تعالى: { فلما أنبأهم } نبوة لآدم عليه السلام، إذ أمره الله أن ينبىء الملائكة بما ليس عندهم من علم الله عز وجل. ويجوز فتح الياء من " إني " وتسكينها. قال الكسائي: " رأيت العرب إذا لقيت عندهم الياء همزه فتحوها ". قال أبو علي: " كان أبو عمرو يفتح ياء الإضافة المكسور ما قبلها عند الهمزة المفتوحة والمكسورة، إذا كانت متصلة باسم، أو بفعل، ما لم يطل الحرف فإنه يثقل فتحها، نحو قوله تعالى:{ ولا تفتني ألا } [التوبة: 49] وقوله تعالى:{ فاذكروني أذكركم } [البقرة: 152]، والذي يخف،{ إني أرى } [الأنفال: 48، يوسف: 43، الصافات: 102] و{ أجري إلا على الله } [يونس:72، هود: 29، سبأ: 47]. وقوله تعالى: { أعلم غيب السموات والأرض } معناه: ما غاب عنكم، لأن الله لا غيب عنده من معلوماته وما في موضع نصب " بأعلم ". قال المهدوي: ويجوز أن يكون قوله { أعلم } اسماً بمعنى التفضيل في العلم، فتكون { ما } في موضع خفض بالإضافة. قال القاضي أبو محمد عبد الحق رضي الله عنه: فإذا قدر الأول اسماً فلا بد بعده من إضمار فعل ينصب { غيب } ، تقديره إني أعلم من كل أعلم غيب، وكونها في الموضعين فعلاً مضارعاً أخصر وأبلغ. واختلف المفسرون في قوله تعالى: { ما تبدون وما كنتم تكتمون } فقالت طائفة: ذلك على معنى العموم في معرفة أسرارهم وظواهرهم وبواطنهم أجمع.