وقوله تعالى: { فيتعلمون }: قال سيبويه: التقدير فهم يتعلمون، وقيل هو معطوف على قوله { يعلمون الناس } ، ومنعه الزجاج، وقيل: هو معطوف على موضع { وما يعلمان } لأن قوله { وما يعلمان } وإن دخلت عليه ما النافية فمضمنه الإيجاب في التعليم، وقيل التقدير فيأتون فيتعلمون، واختاره الزجاج، والضمير في { يعلمان } هو لهاروت وماروت الملكين أو الملكين العلجين على ما تقدم، والضمير في { منهما } قيل: هو عائد عليهما، وقيل: على { السحر } وعلى الذي أنزل على الملكين، و { يفرقون } معناه فرقة العصمة، وقيل معناه: يؤخِّذون الرجل عن المرأة حتى لا يقدر على وطئها فهي أيضاً فرقة. وقرأ الحسن والزهري وقتادة: " المرِء " براء مكسورة خفيفة، وروي عن الزهري تشديد الراء، وقرأ ابن أبي إسحاق " المُرء " بضم الميم وهمزة وهي لغة هذيل، وقرأ الأشهب العقيلي " المِرء " بكسر الميم وهمزة، ورويت عن الحسن، وقرأ جمهور الناس " المَرء " بفتح الميم وهمزة، والزوج هنا امرأة الرجل، وكل واحد منهما زوج الآخر، ويقال للمرأة زوجة قال الفرزدق. [الطويل]
وإن الذي يسعى ليفسِدَ زوجتي
كساعٍ إلى أُسْد الشرى يسْتبيلها
وقرأ الجمهور " بضارين به " ، وقرأ الأعمش " بضاري به من أحد " فقيل: حذفت النون تخفيفاً، وقيل: حذفت للإضافة إلى { أحد } وحيل بين المضاف والمضاف إليه بالمجرور، و { بإذن الله } معناه. بعلمه وتمكينه، و { يضرهم } معناه في الآخرة { ولا ينفعهم } فيها أيضاً، وإن نفع في الدنيا بالمكاسب فالمراعى إنما هو أمر الآخرة، والضمير في { علموا } عائد على بني إسرائيل حسب الضمائر المتقدمة، وقيل: على { الشياطين } ، وقيل على { الملكين } وهما جمع، وقال { اشتراه } لأنهم كانوا يعطون الأجرة على أن يعلموا، والخلاق النصيب والحظ، وهو هنا بمعنى الجاه والقدر، واللام في قوله { لمن } المتقدمة للقسم المؤذنة بأن الكلام قسم لا شرط، وتقدم القول في " بئسما " ، و { شروا } معناه باعوا، وقد تقدم مثله، والضمير في { يعلمون } عائد على بني إسرائيل باتفاق، ومن قال إن الضمير في { علموا } عائد عليهم خرج هذا الثاني على المجاز، أي لما عملوا عمل من لا يعلم كانوا كأنهم لا يعلمون، ومن قال إن الضمير في { علموا } عائد على { الشياطين } أو على { الملكين } قال: إن أولئك علموا أن لا خلاق لمن اشتراه وهؤلاء لم يعلموا فهو على الحقيقة، وقال مكي: الضمير في { علموا } لعلماء أهل الكتاب، وفي قوله { لو كانوا يعلمون } للمتعلمين منهم. وقوله تعالى: { ولو أنهم آمنوا }: موضع " أن " رفع، المعنى لو وقع إيمانهم، ويعني الذين اشتروا السحر، { ولو } تقتضي جواباً، فقالت فرقة جوابها { لمثوبة } ، لأنها مصدر للمضي والاستقبال، وجواب { لو } لا يكون إلا ماضياً أو بمعناه، وقال الأخفش: لا جواب لـ { لو } في هذه مظهراً ولكنه مقدر، أي لو آمنوا لأثيبوا.