اختلف في الحروف التي في أوائل السورة على قولين: قال الشعبي عامر بن شراحيل وسفيان الثوري وجماعة من المحدثين: " هي سرّ الله في القرآن، وهي من المتشابه الذي انفرد الله بعلمه، ولا يجب أن يتكلم فيها، ولكن يؤمن بها وتُمَرُّ كما جاءت ". وقال الجمهور من العلماء: " بل يجب أن يُتكلم فيها وتُلتمس الفوائد التي تحتها والمعاني التي تتخرج عليها " واختلفوا في ذلك على اثني عشر قولاً: فقال علي بن أبي طالب وابن عباس رضي الله عنهما: " الحروف المقطعة في القرآن هي اسم الله الأعظم، إلا أنا لا نعرف تأليفه منها ". وقال ابن عباس أيضاً: " هي أسماء الله أقسم بها ". وقال زيد بن أسلم: " هي أسماء للسور ". وقال قتادة: " هي أسماء للقرآن كالفرقان والذكر ". وقال مجاهد: " هي فواتح للسور ". قال القاضي أبو محمد عبد الحق رضي الله عنه: كما يقولون في أول الإنشاد لشهير القصائد: " بل " و " لا بل ". نحا هذا النحو أبو عبيدة والأخفش. وقال قوم: " هي حساب أبي جاد لتدل على مدة ملة محمد صلى الله عليه وسلم كما ورد في حديث حيي بن أخطب " وهو قول أبي العالية رفيع وغيره. وقال قطرب وغيره: " هي إشارة إلى حروف المعجم، كأنه يقول للعرب: إنما تحديتكم بنظم من هذه الحروف التي عرفتم، فقوله { الم } بمنزلة قولك أ، ب، ت، ث، لتدل بها على التسعة والعشرين حرفاً ". وقال قوم: " هي أمارة قد كان الله تعالى جعلها لأهل الكتاب أنه سينزل على محمد كتاباً في أول سور منه حروف مقطعة ". وقال ابن عباس: " هي حروف تدل على: أنا الله أعلم، أنا الله أرى، أنا الله أفصّل ". وقال ابن جبير عن ابن عباس: " هي حروف كل واحد منها إما أن يكون من اسم من أسماء الله، وإما من نعمة من نعمه، وإما من اسم ملك من ملائكة، أو نبي من أنبيائه ". وقال قوم: " هي تنبيه كـ " يا " في النداء ". وقال قوم: " روي أن المشركين لما أعرضوا عن سماع القرآن بمكة نزلت ليستغربوها فيفتحوا لها أسماعهم فيسمعون القرآن بعدها فتجب عليهم الحجة ". قال القاضي أبو محمد: والصواب ما قاله الجمهور أن تفسر هذه الحروف ويلتمس لها التأويل: لأنا نجد العرب قد تكلمت بالحروف المقطعة نظماً لها ووضعاً بدل الكلمات التي الحروف منها، كقول الشاعر: [الوليد بن المغيرة] [الرجز].