الرئيسية - التفاسير


* تفسير المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز/ ابن عطية (ت 546 هـ) مصنف و مدقق


{ فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَآ أَلاَّ تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً } * { وَهُزِّىۤ إِلَيْكِ بِجِذْعِ ٱلنَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً } * { فَكُلِي وَٱشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ ٱلبَشَرِ أَحَداً فَقُولِيۤ إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَـٰنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ ٱلْيَوْمَ إِنسِيّاً }

قرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم وابن عامر وابن عباس والحسن وزيد بن حبيش ومجاهد والجحدري وجماعة " فناداها مَن تحتها " على أن " مَن " فاعل ينادي والمراد بـ " مَن " عيسى، قال أي ناداها المولود قاله مجاهد والحسن وابن جبير وأبي بن كعب، وقال ابن عباس المراد " مَن " جبريل ولم يتكلم حتى أتت به قومها وقال علقمة والضحاك وقتادة، ففي هذه آية لها وأمارة أن هذا من الأمور الخارقة للعادة التي لله فيها مراد عظيم لا سيما والمنادي عيسى فأنه يبين به عذر مريم ولا تبقى بها استرابة، فلذلك كان النداء أن لا يقع حزن، وقرأ نافع وحمزة والكسائي وحفص عن عاصم والبراء بن عازب والضحاك وعمرو بن ميمون وأهل الكوفة وأهل المدينة وابن عباس أيضاً والحسن " مِن تحتها " بكسر الميم على أنها لابتداء الغاية واختلفوا، فقال بعضهم: المراد عيسى، وقالت فرقة: المراد جبريل المحاور لها قبل، قالوا: وكان في سعة من الأرض أخفض من البقعة التي كانت هي عليها وأبين وأظهر، وعليه كان الحسن بن أبي الحسن يقسم وقرأ علقمة وزر بن حبيش " فخاطبها " من تحتها " ، وقرأ ابن عباس " فناداها ملك من تحتها ". وقوله { ألا تحزني } تفسير النداء فـ " أن " مفسرة بمعنى أي، و " السري " من الرجال العظيم الخصال السيد، و " السري " أيضاً الجدول من الماء، وبحسب هذا اختلف الناس في هذه الآية فقال قتادة وابن زيد: أراد جعل تحتك عظيماً من الرجال له شأن، وقال الجمهور أشار لها إلى الجدول الذي كان قرب جذع نخلة، وروي أن الحسن فسر الآية فقال أجل لقد جعله الله { سرياً } كريماً، فقال عبيد بن عبدالرحمن الحميري يا أبا سعيد إنما يعني بـ " السري " الجدول. وقال الحسن لهذه وأشباهها أحب قربك ولكن غلبنا عليك الأمراء ومن الشاهد في " السري " قول لبيد. [الكامل]

فتوسطا عرض السري فصدعا   مسجورة متجاوراً قلاّمها
ثم أمر بهز الجذع اليابس لترى آية أخرى في إحياء موات الجذع، وقالت فرقة بل كانت النخلة مطعمة { رطباً } ، وقال السدي كان الجذع مقطوعاً وأجرى النهر تحتها لحينه، والظاهر من الآية أن عيسى هو المكلم لها وأن الجذع كان يابساً وعلى هذا تكون آيات تسليها وتسكن إليها. والباء في قوله { بجذع } زائدة مؤكدة قال أبو علي: كما يقال ألقى بيده أي ألقى يده.

قال القاضي أبو محمد: وفي هذا المثال عندي نظر، وأنشد الطبري: [الطويل]

بواد يمان ينبت السدر صدره   وأسفله بالمزج والشبهان

السابقالتالي
2 3