الرئيسية - التفاسير


* تفسير المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز/ ابن عطية (ت 546 هـ) مصنف و مدقق


{ فَٱنْطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا لَقِيَا غُلاَماً فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُّكْراً } * { قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَّكَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً } * { قَالَ إِن سَأَلْتُكَ عَن شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلاَ تُصَٰحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِن لَّدُنِّي عُذْراً } * { فَٱنطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَآ أَتَيَآ أَهْلَ قَرْيَةٍ ٱسْتَطْعَمَآ أَهْلَهَا فَأَبَوْاْ أَن يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَاراً يُرِيدُ أَن يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً } * { قَالَ هَـٰذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِع عَّلَيْهِ صَبْراً }

{ فانطلقا } في موضع نزولهما من السفينة، فمرا بغلمان يلعبون، فعمد الخضر إلى غلام حسن الهيئة وضيء، فاقتلع رأسه، ويقال رضه بحجر، ويقال ذبحه وقال بعض الناس كان الغلام لم يبلغ الحلم، ولذلك قال موسى { زكية } أي لم تذنب، وقالت فرقة بل كان بالغاً شاباً، والعرب تبقي على الشاب اسم الغلام، ومنه قول ليلى الأخيلية: [الطويل]

غلام إذا هز القناة سقاها   
وهذا في صفة الحجاج، وفي الخبر أن هذا الغلام، كان يفسد في الأرض ويقسم لأبويه أنه ما فعل فيقسمان على قسمه، ويحميانه ممن يطلبه، وقرأ ابن عباس والأعرج وأبو جعفر ونافع والجمهور " زاكية " ، وقرأ الحسن وعاصم والجحدري " زكية " والمعنى واحد، وقد ذهب القوم إلى الفرق وليس ببين، وقوله { بغير نفس } يقتضي أنه لو كان عن قتل نفس لم يكن به بأس، وهذا يدل على كبر الغلام وإلا فلو كان لم يحتلم لم يجب قتله بنفس، ولا بغير نفس وقرأ الجمهور " نكراً " وقرأ ابن عامر وأبو بكر عن عاصم وأبو جعفر وشيبة " نكُراً " بضم الكاف واختلف عن نافع، ومعناه: شيئاً ينكر، واختلف الناس أيهما أبلغ قوله { إمراً } [الكهف: 71] أو قوله { نكراً } فقالت فرقة هذا قتل بين، وهناك مترقب فـ { نكراً } أبلغ وقالت فرقة هذا قتل واحد، وذلك قتل جماعة فـ { إمراً } [الكهف: 71] أبلغ وعندي أنهما المعنيين، قوله { إمراً } [الكهف: 71] أفظع وأهول من حيث هو متوقع عظيم، و { نكراً } أبين في الفساد لأن مكروهه قد وقع ونصف القرآن بعد الحروف انتهى إلى النون من قوله { نكراً } وقوله { ألم أقل لك } زجر وإغلاظ ليس في قوله أولاً { ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبراً } وقوله بعد هذا { يريد } بعدها القصة، فأعاد الضمير عليها وإن كانت لم يتقدم لها ذكر صريح، من حيث كانت في ضمن القول، وقرأ الجمهور " فلا تصاحبني " ورواها أبي عن النبي صلى الله عليه وسلم وقرأ عيسى ويعقوب " فلا تصحبني " ، وقرأ عيسى أيضاً " فلا تُصحبني " بضم التاء وكسر الحاء ورواها سهل عن أبي عمرو، والمعنى فلا تصحبني علمك، وقرأ الأعرج " فلا تَصحبنّي ": بفتح التاء والباء وشد النون، وقوله { قد بلغت من لدني عذراً } أي قد أعذرت إلي، وبلغت إلى العذر من قبلي، ويشبه أن تكون هذه القصة أيضا أصلاً للآجال في الأحكام التي هي ثلاثة، وأيام التلوم ثلاثة فتأمله، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وحمزة والكسائي وحفص عن عاصم من " لَدُنّي " بفتح وضم الدال وشد النون.

السابقالتالي
2 3