الرئيسية - التفاسير


* تفسير المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز/ ابن عطية (ت 546 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلاَ تَقْتُلُوۤاْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم إنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئاً كَبِيراً } * { وَلاَ تَقْرَبُواْ ٱلزِّنَىٰ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَآءَ سَبِيلاً } * { وَلاَ تَقْتُلُواْ ٱلنَّفْسَ ٱلَّتِي حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلاَّ بِٱلحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فِّي ٱلْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً }

قرا الأعمش وابن وثاب " ولا تقتّلوا " بتضعيف الفعل، وهذه الآية نهي عن الوأد الذي كانت العرب تفعله، وهو قوله تعالى:وإذا الموءودة سئلت } [التكوير: 8]، ويقال كان جهلهم يبلغ أن يغدو أحدهم كلبه ويقتل ولده، و { خشية } نصب على المفعول من أجله، و " الإملاق " الفقر وعدم الملك، أملق الرجل لم يبق له إلا الملقات وهي الحجارة العظام الملس السود، وقرأ الجمهور " خِطْئاً " بكسر الخاء وسكون الطاء وبالهمز والقصر، وقرأ ابن عامر " خطئاً " بفتح الخاء والطاء والهمزة مقصورة، وهي قراءة أبي جعفر، وهاتان قراءتان مأخوذتان من خطىء إذا أتى الذنب على عمد، فهي كحذر وحذر ومثل ومثل وشبه وشبه اسم ومصدر، ومنه قول الشاعر: [البسيط]

الخطء فاحشة والبر نافلة   كعجوة غرست في الأرض تؤتبر
قال الزجاج يقال خطىء الرجل يخطأ خطأً مثل أثم إثماً فهذا هو المصدر وخطأ اسم منه، وقال بعض العلماء خطىء معناه واقع الذنب عامداً، ومنه قوله تعالى:لا يأكله إلا الخاطئون } [الحاقة: 37]، وأخطأ واقع الذنب عن غير تعمد، ومنه قوله تعالى:إن نسينا أو أخطأنا } [البقرة: 286]، وقال أبو علي الفارسي: وقد يقع هذا موضع هذا، وهذا موضع هذا، فأخطأ بمعنى تعمد في قول الشاعر: [الوافر]

عبادك يخطئون وأنت رب   كريم لا يليق بك الذموم
وخطىء بمعنى لم يتعمد في قول الآخر: [الكامل]

والناس يلحون الأمير إذا همُ   خطئوا الصواب ولا يلام المرشد
وقد روي عن ابن عامر " خَطأً " بفتح الخاء وسكون الطاء وهمزة، وقرأ ابن كثير " خِطَاء " بكسر الخاء وفتح الطاء ومد الهمزة، وهي قراءة الأعرج بخلاف، وطلحة وشبل والأعمش وعيسى وخالد بن إياس وقتادة والحسن بخلاف عنه، قال النحاس ولا أعرف لهذه القراءة وجهاً، وكذلك جعلها أبو حاتم غلطاً. قال أبو علي الفارسي: هي مصدر من خاطأ يخاطىء وإن كنا لم نجد خاطَأ ولا كنا وجدنا تخاطأ وهو مطاوع خاطأ، فدلنا عليه، فمنه قول الشاعر: [المتقارب]

تخاطأت النبْل احشاءه   وخر يومي فلم أعجل
وقول الآخر في صفة كماة: [الطويل]

تَخَاطَأَه القنّاصُ حتى وجدته   وخرطومه في مَنْقَع الماء راسب
فكأن هؤلاء الذين يقتلون أولادهم يخاطئون الحق والعدل، وقرأ الحسن فيما روي عنه " خَطَاء " بفتح الخاء والطاء والمد في الهمزة قال أبو حاتم: لا يعرف هذا في اللغة، وهو غلط غير جائز وليس كما قال أبو حاتم، قال أبو الفتح: الخطاء من اخْطَأت بمنزلة العطاء من أعطيت، هو اسم يعني المصدر، وقرأ الحسن بخلاف " خَطاً " بفتح الخاء والطاء منونة من غير همز، وقرأ أبو رجاء والزهري " خِطاً " بكسر الخاء وفتح الطاء كالتي قبلها، وهاتان مخففتان من خطأ وخطاء، وقوله { ولا تقربوا الزنى } تحريم.

السابقالتالي
2 3