اختلف المتأولون في غير عود الضمير من { له }: فقالت فرقة: هو عائد على اسم الله عز وجل المتقدم ذكره، و " المعقبات " - على هذا الملائكة الحفظة على العباد أعمالهم، والحفظة لهم أيضاً - قاله الحسن، وروى فيه عثمان بن عفان حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو قول مجاهد والنخعي - والضمير على هذا في قوله: { يديه } وما بعده من الضمائر عائد على العبد المذكور في قوله:{ من هو مستخف } [الرعد: 10] و { من أمر الله } يحتمل أن يكون صفة لـ { معقبات } ويحتمل أن يكون المعنى: يحفظونه من كل ما جرى القدر باندفاعه، فإذا جاء المقدور الواقع أسلم المرء إليه. وقال ابن عباس أيضاً: الضمير في { له } عائد على المذكور في قوله{ من هو مستخف بالليل } [الرعد: 10] وكذلك باقي الضمائر التي في الآية، قالوا: و { معقبات } - على هذا - حرس الرجل وجلاوزته الذين يحفظونه، قالوا: والآية - على هذا - في الرؤساء الكافرين، واختار هذا القول الطبري، وهو قول عكرمة وجماعة، قال عكرمة: هي المواكب خلفه وأمامه. قال القاضي أبو محمد: ويصح على التأويل الأول الذي قبل هذا أن يكون الضمير في { له } للعبد المؤمن على معنى جعل الله له. قال القاضي أبو محمد: وهذا التأويل عندي أقوى، لأن غرض الآية إنما هو التنبيه على قدرة الله تعالى، فذكر استواء{ من هو مستخف } [الرعد: 10] ومن هو{ سارب } [الرعد: 10] وأن { له معقبات } من الله تحفظه في كل حال، ثم ذكر أن الله تعالى لا يغير هذه الحالة من الحفظ للعبد حتى يغير ما بنفسه. قال القاضي أبو محمد: وعلى كلا التأويلين ليست الضمائر لمعين من البشر. وقال عبد الرحمن بن زيد: الآية في النبي عليه السلام، ونزلت في حفظ الله له من أربد بن ربيعة وعامر بن الطفيل في القصة التي ستأتي بعد هذا في ذكر الصواعق. قال القاضي أبو محمد: وهذه الآية وإن كانت بألفاظها تنطبق على معنى القصة فيضعف القول: إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتقدم له ذكر فيعود الضمير في { له } عليه. و " المعقبات ": الجماعات التي يعقب بعضها بعضاً، فعلى التأويل الأول هي الملائكة، وينظر هذا إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم: " يتعاقب فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ويجتمعون في صلاة المغرب والصبح " ، وعلى التأويل الثاني: هي الحرس والوزعة الذين للملوك. و { معقبات } جمع معقبة وهي الجماعة التي تأتي بعد الأخرى، والتعقيب - بالجملة - أن تكون حال تعقبها حال أخرى من نوعها، وقد تكون من غير النوع، ومنه معاقبة الركوب ومعاقبة الجاني ومعقب عقبة القدر والمعاقبة في الأزواج، ومنه قول سلامة بن جندل: [البسيط]