الآية الأولى تقتضي أن أباهم قد كان علم منهم إرادتهم الخبيثة في جهة يوسف. وهذه أنهم علموا هم منه بعلمه ذلك. وقرأ الزهري وأبو جعفر " لا تأمنا " بالإدغام دون إشمام. ورواها الحلواني عن قالون، وقرأ السبعة بالإشمام للضم، وقرأ طلحة بن مصرف " لا تأمننا " وقرأ ابن وثاب والأعمش " لا تيمنا " بكسر تاء العلامة. و { غداً } ظرف أصله: غدو، فلزم اليوم كله، وبقي الغدو والغدوة اسمين لأول النهار، وقال النضر بن شميل: ما بين الفجر إلى الإسفار يقال فيه غدوة. وبكرة. وقرأ أبو عمرو وأبو عامر: " نرتعْ ونلعبْ " بالنون فيهما وإسكان العين والباء، و " نرتعْ " - على هذا - من الرتوع وهي الإقامة في الخصب والمرعى في أكل وشرب، ومنه قول الغضبان بن القبعثري: القيد والرتعة وقلة التعتعة. ومنه قول الشاعر: [الوافر]
....... وبعد عطائك المائة الرتاعا
و " لعبهم " هذا دخل في اللعب المباح كاللعب بالخيل والرمي ونحوه، فلا وصم عليهم في ذلك، وليس باللعب الذي هو ضد الحق وقرين اللهو، وقيل لأبي عمرو بن العلاء: كيف يقولون: نلعب وهم أنبياء؟ قال: لم يكونوا حينئذ أنبياء. وقرأ ابن كثير: " نرتعِ ونلعبْ " بالنون فيهما، وبكسر وجزم الباء، وقد روي عنه " ويلعب " بالياء، وهي قراءة جعفر بن محمد. و " نرتعِ " - على هذا - من رعاية الإبل: وقال مجاهد هي من المراعاة: أي يراعي بعضنا بعضاً ويحرسه، وقرأ عاصم وحمزة والكسائي " يرتع ويلعب " بإسناد ذلك كله إلى يوسف، وقرأ نافع " يرتعِ " بالياء فيهما وكسر العين وجزم الباء، فـ " يرتعِ " - على هذا - من رعي الإبل؛ قال ابن زيد: المعنى: يتدرب في الرعي وحفظ المال؛ ومن الارتعاء قول الأعشى:
ترتعي السفح فالكثيب فذاقا
ن فروض القطا فذات الرئال
قال أبو علي: وقراءة ابن كثير - " نرتع " بالنون و " يلعب " بالياء - فنزعها حسن، لإسناد النظر في المال والرعاية إليهم، واللعب إلى يوسف لصباه. وقرأ العلاء بن سيابة، " يرتع ويلعبُ " برفع الباء على القطع. وقرأ مجاهد وقتادة: " نُرتِع " بضم النون وكسر التاء و " نلعبْ " بالنون والجزم. وقرأ ابن كثير - في بعض الروايات عنه - " نرتعي " بإثبات الياء - وهي ضعيفة لا تجوز إلا في الشعر كما قال الشاعر: [الوافر]
ألم يأتيك والأنباء تنمي
بما لاقت لبون بني زياد
وقرأ أبو رجاء " يُرتعْ " بضم الياء وجزم العين و " يلعبْ " بالياء والجزم.