الرئيسية - التفاسير


* تفسير المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز/ ابن عطية (ت 546 هـ) مصنف و مدقق


{ وَكُـلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ ٱلرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَآءَكَ فِي هَـٰذِهِ ٱلْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ } * { وَقُل لِّلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ ٱعْمَلُواْ عَلَىٰ مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ } * { وَٱنْتَظِرُوۤاْ إِنَّا مُنتَظِرُونَ } * { وَلِلَّهِ غَيْبُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ ٱلأَمْرُ كُلُّهُ فَٱعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ }

قوله: { وكلاًّ } مفعول مقدم بـ { نقص } وقيل: هو منصوب على الحال، وقيل على المصدر.

قال القاضي أبو محمد: وهذان ضعيفان، و { ما } بدل من قوله: { كلاًّ } ، و { نثبت به فؤادك } أي نؤنسك فيما تلقاه، ونجعل لك الأسوة في مَنْ تقدمك مِن الأنبياء، وقوله: { في هذه } قال الحسن: هي إشارة إلى دار الدنيا، وقال ابن عباس: إلى السورة والآيات التي فيها ذكر قصص الأمم، وهذا قول الجمهور.

قال القاضي أبو محمد: ووجه تخصيص هذه السورة بوصفها بـ { الحق } - والقرآن كله حق - أن ذلك يتضمن معنى الوعيد للكفرة والتنبيه للناظر، أي جاءك في هذه السورة الحق الذي أصاب الأمم الظالمة، وهذا كما يقال عند الشدائد: جاء الحق وإن كان الحق يأتي في غير شديدة وغير ما وجه، ولا يستعمل في ذلك: جاء الحق، ثم وصف أيضاً أن ما تضمنته السورة هي { موعظة وذكرى للمؤمنين }؛ فهذا يؤيد أن لفظة { الحق } إنما تختص بما تضمنت من وعيد للكفرة.

وقوله تعالى: { وقل للذين لا يؤمنون } الآية، هذه آية وعيد، أي { اعملوا } على حالاتكم التي أنتم عليها من كفركم.

وقرأ الجمهور هنا: { مكانتكم } واحدة دالة على جمع وألفاظ هذه الآية تصلح للموادعة، وتصلح أن تقال على جهة الوعيد المحض والحرب قائمة.

وقوله تعالى: { ولله غيب السماوات والأرض } الآية، هذه آية تعظم وانفراد بما لا حظ لمخلوق فيه، وهو علم الغيب، وتبين أن الخير والشر، وجليل الأشياء وحقيرها - مصروف إلى أحكام مالكه، ثم أمر البشر بالعبادة والتوكل على الله تعالى، وفيها زوال همه وصلاحه ووصوله إلى رضوان الله.

وقرأ السبعة - غير نافع - " يرجعُ الأمرُ " على بناء الفعل للفاعل، وقرأ نافع وحفص عن عاصم: " يُرجع الأمرُ " على بنائه للمفعول ورواها ابن أبي الزناد عن أهل المدينة، وقرأ " تعملون " بالتاء من فوق، نافع وابن عامر وحفص عن عاصم، وهي قراءة الأعرج والحسن وأبي جعفر وشيبة وعيسى بن عمرو وقتادة والجحدري، واختلف عن الحسن وعيسى، وقرأ الباقون " يعملون " بالياء على كناية الغائب.