قوله تعالى: { ولكل أمة رسول } ، إخبار مثل قوله تعالى:{ كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير قالوا بلى } [الملك: 8] وقال مجاهد وغيره: المعنى فإذا جاء رسولهم يوم القيامة للشهادة عليهم صير قوم للجنة وقوم للنار فذلك " القضاء بينهم بالقسط " وقيل: المعنى فإذا جاء رسولهم في الدنيا وبعث صاروا من حتم الله بالعذاب لقوم والمغفرة لآخرين لغاياتهم، فذلك قضاء بينهم بالقسط، وقرن بعض المتأولين هذه الآية بقوله{ وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً } [ الإسراء:15] وذلك يتفق إما بأن نجعل{ معذبين } [الاسراء: 15] في الآخرة، وإما بأن نجعل " القضاء بينهم " في الدنيا بحيث يصح اشتباه الآيتين، وقوله { ويقولون متى هذا الوعد } إلى { يستقدمون } ، الضمير في { يقولون } يراد به لكفار، وسؤالهم عن الوعد تحرير بزعمهم في الحجة، أي هذا العذاب الذي توعدنا حدد لنا فيه وقته لنعلم الصدق في ذلك من الكذب، وقال بعض المفسرين: قولهم هذا على جهة الاستخفاف. قال القاضي أبو محمد: وهذا لا يظهر من اللفظة، ثم أمره تعالى أن يقول لهم { لا أملك لنفسي ضراً ولا نفعاً إلا ما شاء الله } ، المعنى قل لهم يا محمد رداً للحجة إني { لا أملك لنفسي ضرّاً ولا نفعاً } من دون الله ولا أنا إلا في قبضة سلطانه وبضمن الحاجة إلى لطفه، فإذا كنت هكذا فأحرى أن لا أعرف غيبه ولا أتعاصى شيئاً من أمره، ولكن { لكل أمة أجل } انفرد الله تعالى بعلم حده ووقته، فإذا جاء ذلك الأجل في موت أو هلاك أمة لم يتأخروا ساعة ولا أمكنهم التقدم عن حد الله عز وجل، وقرأ ابن سيرين " آجالهم " بالجمع.