الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱقْرَأْ بِٱسْمِ رَبِّكَ ٱلَّذِي خَلَقَ } * { خَلَقَ ٱلإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ } * { ٱقْرَأْ وَرَبُّكَ ٱلأَكْرَمُ } * { ٱلَّذِى عَلَّمَ بِٱلْقَلَمِ } * { عَلَّمَ ٱلإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ } * { كَلاَّ إِنَّ ٱلإِنسَانَ لَيَطْغَىٰ } * { أَن رَّآهُ ٱسْتَغْنَىٰ } * { إِنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ ٱلرُّجْعَىٰ } * { أَرَأَيْتَ ٱلَّذِي يَنْهَىٰ } * { عَبْداً إِذَا صَلَّىٰ } * { أَرَأَيْتَ إِن كَانَ عَلَىٰ ٱلْهُدَىٰ } * { أَوْ أَمَرَ بِٱلتَّقْوَىٰ } * { أَرَأَيْتَ إِن كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ } * { أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ ٱللَّهَ يَرَىٰ } * { كَلاَّ لَئِن لَّمْ يَنتَهِ لَنَسْفَعاً بِٱلنَّاصِيَةِ } * { نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ }

{ ٱقْرَأْ بِٱسْمِ رَبِّكَ ٱلَّذِي خَلَقَ } أكثر المفسرين: على أن هذه السورة أول سورة نزلت من القرآن، وأول ما نزل خمس آيات من أولها إلى قوله: { مَا لَمْ يعلم }. أخبرنا عبد الواحد المليحي أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي أخبرنا محمد بن يوسف حدثنا محمد بن إسماعيل حدثنا يحيى بن بُكَيْر حدثنا الليث عن عُقَيْل عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة أم المؤمنين أنها قالت: أول ما بُدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم، وكان لا يرى رؤياً إلاّ جاءت مثل فَلَقِ الصُّبْح، ثم حُبِّبَ إليه الخَلاَءُ، فكان يخلو بغار حراء، فَيَتَحَنَّثُ فيه - وهو التعبُّد - الليالي ذوات العَددِ قبل أن يَنْزِع إلى أهله، ويتزوَّدُ لذلك ثم يرجع إلى خديجة، فيتزود لمثلها حتى جاءه الحق، وهو في غار حراء فجاءه الملك فقال: اقرأ، فقال: ما أنا بقارئ، قال: فأخذني فغطَّني حتى بلغ مني الجَهْدُ ثم أرسلني، فقال: اقرأ، فقلت: ما أنا بقارئ، قال: فأخذني فغطَّني الثانية حتى بلغ مني الجَهْدُ، ثم أرسلني، فقال: اقرأ، فقلت: ما أنا بقارئ، فأخذني فغطَّني الثالثة حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني، فقال: { ٱقْرَأْ بِٱسْمِ رَبِّكَ ٱلَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ ٱلإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * ٱقْرَأْ وَرَبُّكَ ٱلأَكْرَمُ }. فرجع بها رسول الله صلى الله عليه وسلم يَرْجُفُ فؤادُه، فدخل على خديجة بنت خويلد، فقال: زمِّلُوني زمِّلُوني فزمَّلوه حتى ذهب عنه الرَّوْعُ، فقال لخديجة: ما ليَ؟ وأخبرها الخبر، وقال: لقد خَشِيتُ على نفسي، فقالت خديجة: كلاَّ، والله ما يُخْزِيك الله أبداً إنك لتصل الرَّحِم وتحمل الكَلَّ وتكسب المعدوم وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق، فانطلقت به خديجة حتى أتت به ورقةَ بنَ نوفل بنِ أسدِ بن عبدِ العُزى - ابن عمِّ خديجة - وكان امرأً تنصَّر في الجاهلية وكان يكتب الكتابَ العربيَّ، فيكتب من الإنجيل بالعربية ما شاء الله أن يكتب، وكان شيخاً كبيراً قد عميَ، فقالت له خديجة: يا ابن عمِّ اسمع من ابن أخيك ما يقول فقال له ورقة: يا ابن أخي ماذا ترى؟ فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر ما رأى، فقال له ورقة: هذا النَّاموسُ الذي أَنزل الله على موسى، يا ليتني فيها جَذَعاً ليتني أكون حيّاً إذْ يُخْرِجُكَ قومُك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أَوَ مُخْرِجيَّ هم؟ قال: نعم لم يأتِ أحد بمثل ما جئتَ به إلاّ عُودِيَ، وإن يُدْرِكْنِي يومُك أَنْصُرْكَ نصراً مؤزَّراً، ثم لم يمكث ورقة أنْ تُوفِّيَ، وفَتَر الوحي. وروى محمد بن إسماعيل هذا الحديث في موضع آخر من كتابه عن يحيى بن بُكَيْر بهذا الإسناد، وقال: حدثني عبد الله بن محمد حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر قال الزهري فأخبرني عروة عن عائشة وذكر الحديث، وقال: { ٱقْرَأْ بِٱسْمِ رَبِّكَ ٱلَّذِي خَلَقَ } حتى بلغ { مَا لَمْ يَعْلَمْ } وزاد في آخره فقال: وفَتَر الوحيُ فَتْرَةً حتى حَزِنَ النبي صلى الله عليه وسلم فيما بلغنا حزناً غدا منه مراراً حتى يتردَّى من رؤوس شَواهِق الجبال، فكلما أوفى بذِرْوة جبلٍ لكي يُلقَي نفسه منه، تبدَّى له جبريل فقال: يا محمدُ، إنك رسولُ الله حقاً، فيسكنُ لذلك جأشُه، وتقرُّ نفسهُ فيرجعُ، فإذا طالت عليه فترةُ الوحي غدا لمثلِ ذلك، فإذا أوفى بذِرْوة جبلٍ تبدَّى له جبريلُ، فقال له مثل ذلك.

السابقالتالي
2 3