الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ } * { وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ } * { ٱلَّذِيۤ أَنقَضَ ظَهْرَكَ } * { وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ } * { فَإِنَّ مَعَ ٱلْعُسْرِ يُسْراً } * { إِنَّ مَعَ ٱلْعُسْرِ يُسْراً }

{ أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ } ألم نفتح ونوسِّع ونليِّن لك قلبك بالإيمان والنبوة والعلم والحكمة. { وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ } ، قال الحسن ومجاهد وقتادة والضحاك: وحططنا عنك الذي سلف منك في الجاهلية، وهو كقوله:لِّيَغْفِرَ لَكَ ٱللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ } [الفتح: 2]. وقال الحسين بن الفضل: يعني الخطأ والسهو. وقيل: ذنوب أمتك فأضافه إليه لاشتغال قلبه بهم. وقال عبد العزيز بن يحيى وأبو عبيدة: يعني خففنا عنك أعباءَ النبوة والقيام بأمرها. { ٱلَّذِيۤ أَنقَضَ ظَهْرَكَ } ، أثقل ظهرك فأوهنه حتى سُمِعَ له نقيض أي صوت. { وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ } أخبرنا أحمد بن إبراهيم الشريحي أخبرنا أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي أخبرنا أبو القاسم عبد الخالق بن علي المؤذن حدثنا أبو بكر بن حبيب حدثنا أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل حدثنا صفوان يعني ابن صالح عبد الملك حدثنا الوليد يعني بن مسلم حدثني عبد الله بن لهيعة عن دَّراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم " أنه سأل جبريل عليه السلام عن هذه الآية { وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ }؟ قال: قال الله تعالى: " إذ ذُكِرْتُ ذُكِرْتَ معي ". وعن الحسن قال: { وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ } إذا ذُكرتُ ذُكرتَ معي وقال عطاء عن ابن عباس: يريد الأذان والإقامة والتشهد والخطبة على المنابر، ولو أن عبداً عبد الله وصدَّقه في كل شيء ولم يشهد أن محمداً رسول الله لم ينتفع بشيء، وكان كافراً. وقال قتادة: رفع الله ذكره في الدنيا والآخرة، فليس خطيب ولا متشهد ولا صاحب صلاة إلا ينادي أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله. وقال الضحاك: لا تقبل صلاة إلا به ولا تجوز خطبة إلاّ به، وقال مجاهد: ورفعنا لك ذكرك يعني بالتأذين. وفيه يقول حسان بن ثابت:
ألم تر أن الله أرسل عبدَهُ   ببرهانه والله أَعْلَى وأمْجَدُ
أَغَرُّ عليه للنّبوةِ خَاتَمٌ   من الله مشهودٌ يَلُوحُ ويشهَدُ
وضمَّ الإلهُ اسمَ النبيِّ مع اسمهِ   إذا قالَ في الخمسِ المؤذنُ: أشهدُ
وشقَّ له من اسمه لِيُجِلّه   فَذُو العَرْشِ محمودٌ وهذا محمدُ
وقيل: رفع الله ذكره بأخذ ميثاقه على النبيين وإلزامهم الإيمان به والإقرار بفضله. ثم وعده اليسر والرخاء بعد الشدة، وذلك أنه كان بمكة في شدة فقال الله عز وجل: { فَإِنَّ مَعَ ٱلْعُسْرِ يُسْراً * إِنَّ مَعَ ٱلْعُسْرِ يُسْراً } ، أي مع الشدة التي أنت فيها من جهاد المشركين يسراً ورخاءً بأن يظهرك عليهم حتى ينقادوا للحق الذي جئتهم به " إن مع العسر يسراً " كرره لتأكيد الوعد وتعظيم الرجاء.

السابقالتالي
2