الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ لَـٰكِنِ ٱلرَّسُولُ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ جَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُوْلَـٰئِكَ لَهُمُ ٱلْخَيْرَاتُ وَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ } * { أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذٰلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } * { وَجَآءَ ٱلْمُعَذِّرُونَ مِنَ ٱلأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ وَقَعَدَ ٱلَّذِينَ كَذَبُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ سَيُصِيبُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }

{ لَـٰكِنِ ٱلرَّسُولُ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَهُ جَـٰهَدُواْ بِأَمْوَٰلِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَأُوْلَـٰئِكَ لَهُمُ ٱلْخَيْرَاتُ } ، يعني: الحسنات، وقيل: الجواري الحسان في الجنة، قال الله تعالى: فيهنَّ خيراتٌ حِسَان، جمع خَيْرَة، وحكي عن ابن عباس: أَنَّ الخير لا يعلم معناه إلا الله كما قال جلّ ذكرهُ:فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّآ أُخْفِىَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ } [السجدة:17]. { وَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ }. { أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُمْ جَنَّـٰتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَـٰرُ خَـٰلِدِينَ فِيهَا ذَٰلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ }. قوله تعالى: { وَجَآءَ ٱلْمُعَذِّرُونَ مِنَ ٱلأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ } الآية، قرأ يعقوب ومجاهد: { المُعْذِرُونَ } بالتخفيف وهم المبالغون في العذر، يقال في المَثَل: «لقد أُعذر من أنذر» أي: بالغ في العذر من قدم النذارة، وقرأ الآخرون: { المعذِّرون } بالتشديد، أي: المقصرون، يقال: عَذَّرَ أي: قصر، وقال الفراء: المعذرون المعتذرون أدغمت التاء في الذال ونُقلت حركة التاء إلى العين. وقال الضحاك: " المعذرون هم رهط عامر بن الطفيل جاؤوا رسول الله صلى الله عليه وسلم دفاعاً عن أنفسهم فقالوا: يانبي الله إنْ نحنُ غزونا معك تغير أعراب طيء على حلائلنا وأولادنا ومواشينا، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قد أنبأني الله من أخباركم وسيغني الله عنكم» ". وقال ابن عباس: هم الذين تخلّفوا بعذر بإذن رسول الله صلى الله عليه وسلم. { وَقَعَدَ ٱلَّذِينَ كَذَبُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ } ، يعني: المنافقين. قال أبو عمرو بن العلاء: كلا الفريقين كان مسيئاً قوم تكلفوا عذراً بالباطل، وهم الذين عناهم تعالى بقوله: { وَجَآءَ ٱلْمُعَذِّرُونَ } ، وقوم تخلّفوا عن غير تكلّف عذر فقعدوا جرأةً على الله تعالى، وهم المنافقون فأوعدهم الله بقوله: { سَيُصِيبُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }.