{ فَلْيَضْحَكُواْ قَلِيلاً } ، في الدنيا، { وَلْيَبْكُواْ كَثِيرًا } ، في الآخرة. تقديره: فليضحكوا قليلاً فسيبكون كثيراً، { جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ }. أخبرنا الإِمام أبو علي الحسين بن محمد القاضي، أنبأنا السيد أبو الحسن محمد بن [الحسين العلوي قال: أخبرنا عبدالله بن محمد بن الحسن الشرقي، حدثنا عبدالله بن هاشم، حدثنا يحيى بن سعيد، حدثنا شعبة عن موسى بن أنس عن أنس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ولو تعلمون ما أعلم لضحكتُم قليلاً ولبكيتُم كثيراً ". أخبرنا أبو بكر محمد بن عبدالله بن أبي توبة، حدثنا أبو طاهر محمد بن أحمد الحارثي، حدثنا أبو الحسن محمد بن] يعقوب الكسائي حدثنا عبدالله بن محمود، حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبدالله الخلال، حدثنا عبدالله بن المبارك عن عمران بن زيد الثعلبي، حدثنا يزيد الرقاشي، عن أنس بن مالك قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " ياأيّها الناس ابكوا، فإن لم تستطيعوا فتباكوا، فإن أهل النار يبكون في النار حتى تسيل دموعهم في وجوههم كأنها جداول، ثم تنقطع الدموع، فتسيل الدماء فتقرّح العيون، فلو أن سُفُناً أُجريتْ فيها لَجَرَتْ ". قوله تعالى: { فَإِن رَّجَعَكَ ٱللَّهُ } أي: ردّك يامحمد من غزوة تبوك، { إِلَىٰ طَآئِفَةٍ مِّنْهُمْ } ، يعني: من المخلفين. وإنما قال: " طائفة منهم " لأنه ليس كل من تخلف من غزوة تبوك كان منافقاً، { فَٱسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ } ، معك في غزوة أُخرى، { فَقُلْ } ، لهم { لَّن تَخْرُجُواْ مَعِىَ أَبَدًا } في سفر، { وَلَن تُقَـٰتِلُواْ مَعِىَ عَدُوّاً إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِٱلْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ } ، في غزوة تبوك { فَٱقْعُدُواْ مَعَ ٱلْخَالِفِينَ } أي: مع النساء والصبيان، وقيل: مع الزّمْنَى والمرضَى. وقال ابن عباس: مع الذين تخلّفوا بغير عذر. وقيل: مع الخالفين. قال الفراء: يقال صاحب خالف إذا كان مخالفاً. { وَلاَ تُصَلِّ عَلَىٰ أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَداً } الآية. قال أهل التفسير: " بعث عبدالله بن أُبيّ ابن سلول إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مريض، فلما دخل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له أهلكك حبُّ يهود؟ فقال: يارسول الله إني لم أبعث إليك لتؤنبني، إنما بعثت إليك لتستغفر لي، وسأله أن يكفنه في قميصه ويصلي عليه ". أخبرنا عبد الواحد المليحي، حدثنا أحمد بن عبدالله النعيمي، حدثنا محمد بن يوسف، حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا يحيى بن بكير، حدثني الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبدالله بن عباس، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنهم أنه قال: " لما مات عبدالله بن أُبيّ ابن سلول دُعِىَ له رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي عليه، فلما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم وَثَبْتُ إليه، فقلت: يارسول الله أتصلي على ابن أُبيٍّ بن سلول وقد قال يوم كذا وكذا كذا وكذا؟ أعدِّ عليه قوله، فتبسّم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وقال: »أخّرْ عني ياعمر» فلما أكثرتُ عليه قال: إني خُيّرتُ فاخترتُ، لو أعلم أني إنْ زدت على السبعين يغفر له لزدت عليها، قال: فصلَّى عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم انصرف فلم يمكث إلا يسيراً حتى نزلت الآيتان من براءة: { وَلاَ تُصَلِّ عَلَىٰ أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَداً وَلاَ تَقُمْ عَلَىٰ قَبْرِهِ } ، إلى قوله: { وَهُمْ فَـٰسِقُونَ }. قال: فعجبتُ بعدُ من جرأتي على رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ "