الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلْمُؤْمِنُونَ وَٱلْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ ٱلصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ ٱلزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـٰئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ ٱللَّهُ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } * { وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِّنَ ٱللَّهِ أَكْبَرُ ذٰلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ }

قوله تعالى: { وَٱلْمُؤْمِنُونَ وَٱلْمُؤْمِنَـٰتِ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ } في الدِّين واتفاق الكلمة والعون والنصرة. { يَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ } ، بالإِيمان والطاعة والخير، { وَيَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ } ، عن الشرك والمعصية وما لا يُعرف في الشرع، { وَيُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ } ، المفروضة، { وَيُؤْتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَيُطِيعُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـٰئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ ٱللَّهُ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }. { وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَـٰتِ جَنَّـٰتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَـٰرُ خَـٰلِدِينَ فِيهَا وَمَسَـٰكِنَ طَيِّبَةً } ، منازل طيبة، { فِى جَنَّاتِ عَدْنٍ } أي: بساتين خلد وإقامة، يُقال: عدن بالمكان إذا أقام به. قال ابن مسعود: هي بُطْنَان الجنة، أي: وسطها. قال عبدالله بن عمرو بن العاص: إن في الجنة قصراً يقال له: " عَدْنٌ " حوله البروج والمروج، له خمسة آلاف باب لا يدخله إلاّ نبيٌّ أو صديق أو شهيدٌ. وقال الحسن: قصرٌ من ذهب لا يدخله إلا نبيٌّ أو صديقٌ أو شهيدٌ أو حَكَمٌ عدلٌ. وقال عطاء بن السائب: " عدن " نهر في الجنة [جنانه] على حافتيه. وقال مقاتل والكلبي: " عدن " أعلى درجة في الجنة، وفيها عين التنسيم، والجنان حولها، محدقة بها، وهي مغطَّاة من حين خلقها الله تعالى حتى ينزلها أهلها: الأنبياءُ والصِّدِّيقُون والشهداءُ والصالحون، ومن شاء الله، وفيها قصورُ الدُّرِّ واليواقيت والذهب، فتهب ريح طيبة من تحت العرش فتدخل عليهم كُثْبَانُ المِسْكِ الأذْفَر الأبيض. { وَرِضْوَٰنٌ مِّنَ ٱللَّهِ أَكْبَرُ }. أي: رضا الله عنهم أكبر من ذلك، { ذَٰلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ }. روينا عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: " يقول الله عزّ وجلّ لأهلِ الجنّةِ: يا أهلَ الجنّة هلْ رضيتُم؟ فيقولون: ربَّنا ما لنا لا نرضى وقد أعطيتَنا ما لم تُعْطِهِ أحداً من خلقك، فيقول: أفلا أعطيكم أفضلَ من ذلك؟ فيقولُونَ: ربنا وأيُّ شيء أفضلُ من ذلك؟ فيقول: أحِلُّ عليكم رِضْوَاني فلا أسخط عليكم بعده أبداً ".