قوله تعالى: { ٱلْمُنَـٰفِقُونَ وَٱلْمُنَـٰفِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِّن بَعْضٍ } ، أي: هم على دين واحد. وقيل: أمرهم واحد بالاجتماع على النفاق. { يَأْمُرُونَ بِٱلْمُنكَرِ } ، بالشرك والمعصية، { وَيَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمَعْرُوفِ } ، أي: عن الإِيمان والطاعة، { وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ } أي: يمسكونَها عن الصدقة والإِنفاق في سبيل الله ولا يبسطونها بخير، { نَسُواْ ٱللَّهَ فَنَسِيَهُمْ } ، تركوا طاعةَ الله، فتركهم من توفيقه وهدايته في الدنيا، ومن رحمته في الآخرة، وتركهم في عذابه، { إِنَّ ٱلْمُنَـٰفِقِينَ هُمُ الْفَـٰسِقُونَ }. { وَعَدَ الله الْمُنَافِقِينَ وَٱلْمُنَافِقَاتِ وَٱلْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ } ، كافيتهم جزاءً على كفرهم، { وَلَعَنَهُمُ ٱللَّهُ } ، أبعدهم الله من رحمته، { وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ } ، دائم. { كَٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ } ، أي: فعلتم كفعل الذين من قبلكم بالعُدول عن أمر الله، فَلُعِنْتُم كما لُعِنُوا { كَانُواْ أَشَدَّ مِنكُمْ قُوَّةً } ، بْطشاً ومنعةً، { وَأَكْثَرَ أَمْوَٰلاً وَأَوْلَـٰدًا فَٱسْتَمْتَعُواْ بِخَلَـٰقِهِمْ } فتمتعوا وانتفعوا بخلاقهم بنصيبهم من الدنيا باتباع الشهوات ورضوا به عوضاً عن الآخرة، { فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلـٰقِكُمْ } ، أيّها الكفار والمنافقون، { كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ بِخَلَـٰقِهِمْ } ، وسلكتُم سبيلهم، { وَخُضْتُمْ } في الباطل والكذب على الله تعالى، وتكذيب رُسله، وبالاستهزاء بالمؤمنين، { كَٱلَّذِي خَاضُوۤاْ } ، أي: كما خاضوا. وقيل: كالذي بمعنى كالذين خاضُوا، وذلك أن " الذي " اسم ناقص، مثل " مَا " و " من " يُعبّر به عن الواحد والجميع، نظيره قوله تعالى:{ كَمَثَلِ ٱلَّذِى ٱسْتَوْقَدَ نَاراً } [البقرة: 17]. ثم قال:{ ذَهَبَ ٱللَّهُ بِنُورِهِمْ } [البقرة: 17]. { أُوْلَـٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَـٰلُهُمْ فِي ٱلدنْيَا وَٱلأَخِرَةِ وَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْخَـٰسِرُونَ } ، أي: كما حبطت أعمالهم وخسروا كذلك حبطتْ أعمالُكم وخسرتُم. أخبرنا عبدالواحد بن أحمد المليحي، أنبأنا أحمد بن عبدالله النعيمي، أخبرنا محمد بن يوسف، حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا محمد بن عبدالعزيز، حدثنا أبو عمر الصنعاني من اليمن، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُم شِبْراً بشبرٍ وذِرَاعاً بِذِرَاعٍ حتى لو دخلوا جُحْرَ ضبٍ لا تّبعتُموهُم " ، قلنا: يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال: " فمن " وفي رواية أبي هريرة: " فهلِ الناسُ إلاّ هُمْ " وقال ابن مسعود رضي الله عنه: " أنتم أشبه الأمم ببني إسرائيل سَمْتاً وهَدْياً تتبعون عملهم حِذْوَ القَذَّةِ بالقُّذةِ غيرَ أني لا أدْري أتعبدُونَ العِجْلَ أمْ لا.