الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمِنْهُمْ مَّن يَلْمِزُكَ فِي ٱلصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُواْ مِنْهَا رَضُواْ وَإِن لَّمْ يُعْطَوْاْ مِنهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ }

قوله تعالى: { وَمِنْهُمْ مَّن يَلْمِزُكَ فِي ٱلصَّدَقَـٰتِ } ، الآية نزلت في ذي الخويصرة التميمي، واسمه حرقوص بن زهير، أصل الخوارج. أخبرنا عبدالواحد بن أحمد المليحي، أخبرنا أحمد بن عبدالله النعيمي، أخبرنا محمد بن يوسف، حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا أبو اليمان، أخبرنا شعيب عن الزهري، أخبرني أبو سلمة بن عبدالرحمن أن أبا سعيد الخدري رضي الله عنه قال: " بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقسم قسماً فينا، أتَاه ذُو الخُويصرة، وهو رجل من بني تميم فقال: يا رسول الله اعدل، فقال: وَيْلَكَ فمنْ يعدلُ إذا لم أعدلْ، فقد خبت وخسرت إن لم أكنْ أعدل " ، فقال عمر رضي الله عنه: يا رسول الله ائذن لي فيه فأضرب عنقه، فقال له: " دعه فإن له أصحاباً يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم، يقرؤون القرآن لا يُجاوز تراقيهم، يمرقون من الدِّين كما يَمْرُقُ السّهمُ مِنَ الرَّمِيَّة ينظر إلى نَصْلِه فلا يوجد فيه شيء، ثم ينظر إلى رِصَافِه فلا يوجد فيه شيء، ثم ينظر إلى نَضْيِّه، وهو قِدْحُه، فلا يوجد فيه شيء، ثم ينظر إلى قُذَذِهِ فلا يوجد فيه شيء، قد سَبَقَ الفَرْث والدَّم آيتُهم، رجل أسود إحدى عضديه مثل ثَدْيِ المرأة، أو مثل البَضْعَةِ تَدَرْدَرٌ، يخرجون على حين فُرْقَةٍ من الناس " قال أبو سعيد: فأشهد أَني سمعت هذا الحديث من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأشهد أن علي بن أبي طالب رضى الله عنه قاتلهم وأنا معه، فأمر بذلك الرجل فَالْتَمْس، فَوُجِدَ، فَأُتِيَ به حتى نظرتُ إليه على نعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي نعته. وقال الكلبي: قال رجل من المنافقين يقال له [أبو الجَوَّاظ] لرسول الله صلى الله عليه وسلم: لم تقسمْ بالسوية، فأنزل الله تعالى: { وَمِنْهُمْ مَّن يَلْمِزُكَ فِي ٱلصَّدَقَـٰتِ } أي: يعيبك في أمرها وتفريقها ويطعن عليك فيها. يُقال: لمزه وهمزه، أي: عابه، يعني أن المنافقين كانوا يقولون إن محمداً لا يعطي إلا من أحب. وقرأ يعقوب: { يلمزك } حيث كان. وقال مجاهد: يلزمك أي: يَرُوزُك يعني: يختبرك. { فَإِنْ أُعْطُواْ مِنْهَا رَضُواْ وَإِن لَّمْ يُعْطَوْاْ مِنهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ } ، قيل: إن أعطوا كثيراً فرحوا وإن أعطوا قليلاً سخطوا.