الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ عَفَا ٱللَّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكَ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْ وَتَعْلَمَ ٱلْكَاذِبِينَ } * { لاَ يَسْتَأْذِنُكَ ٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ أَن يُجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِٱلْمُتَّقِينَ } * { إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَٱرْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ } * { وَلَوْ أَرَادُواْ ٱلْخُرُوجَ لأَعَدُّواْ لَهُ عُدَّةً وَلَـٰكِن كَرِهَ ٱللَّهُ ٱنبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ ٱقْعُدُواْ مَعَ ٱلْقَاعِدِينَ }

{ عَفَا ٱللَّهُ عَنكَ } ، قال عمرو بن ميمون: اثنان فعلهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يؤمر بهما: إذنه للمنافقين، وأخذه الفدية من أسارى بدر، فعاتبه الله كما تسمعون. قال سفيان بن عيينة: انظروا إلى هذا اللطف بدأ بالعفو قبل أن يُعيِّره بالذنب. وقيل: إن الله عزّ وجلّ وقّره ورفع محله بافتتاح الكلام بالدعاء له، كما يقول الرجل لمن يخاطبه إذا كان كريماً عنده: عفا الله عنك ما صنعت في حاجتي؟ ورضي الله عنك ألاَ زرتني. وقيل معناه: أدام الله لك العفو. { لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ } ، أي: في التخلّف عنك { حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكَ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْ } ، في أعذارهم، { وَتَعْلَمَ ٱلْكَـٰذِبِينَ } ، فيها، أي: تعلم من لا عذر له. قال ابن عباس رضي الله عنه: لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرف المنافقين يومئذ. { لاَ يَسْتَأْذِنُكَ ٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلأَخِرِ أَن يُجَـٰهِدُواْ بِأَمْوَٰلِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ } ، أي: لا يستأذنك في التخلّف، { وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِٱلْمُتَّقِينَ }. { إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلأَخِرِ وَٱرْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ } ، أي: شكَّتْ ونافقت، { فَهُمْ فِى رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ } ، متحيّرين. { وَلَوْ أَرَادُواْ ٱلْخُرُوجَ } ، إلى الغزو، { لأَعَدُّواْ لَهُ } ، أي: لهيَّؤوا له { عُدَّةً } ، أهبة وقوّة من السلاح والكراع، { وَلَـٰكِن كَرِهَ ٱللَّهُ ٱنبِعَاثَهُمْ } ، خروجهم، { فَثَبَّطَهُمْ } ، منعهم وحبسهم عن الخروج، { وَقِيلَ ٱقْعُدُواْ } ، في بيوتكم، { مَعَ ٱلْقَـٰعِدِينَ } ، يعني: مع المرضى والزَّمْنَى. وقيل: مَع النسوان والصبيان. قوله عزّ وجلّ: { وَقِيلَ } ، أي: قال بعضهم لبعض: اقعدوا. وقيل: أوحى إلى قلوبهم وأُلْهِمُوا أسباب الخذلان.