الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّ كَثِيراً مِّنَ ٱلأَحْبَارِ وَٱلرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ ٱلنَّاسِ بِٱلْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱلَّذِينَ يَكْنِزُونَ ٱلذَّهَبَ وَٱلْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ }

قوله تعالى: { يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ إِنَّ كَثِيراً مِّنَ ٱلأَحْبَارِ وَٱلرُّهْبَانِ } ، يعني: العلماء والقراء من أهل الكتاب، { لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ ٱلنَّاسِ بِٱلْبَـٰطِلِ } ، يريد ليأخذون الرشا في أحكامهم، ويُحرّفون كتاب الله، ويكتبون بأيديهم كتباً يقولون، هذه من عند الله، ويأخذون بها ثمناً قليلاً من سفلتهم، وهي المآكل التي يصيبونها منهم على تغيير نعت النبي صلى الله عليه وسلم، يخافون لو صدقوهم لذهبت عنهم تلك المآكل، { وَيَصُدُّونَ } ، ويصرفون الناس، { عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } ، دين الله عزّ وجلّ. { وَٱلَّذِينَ يَكْنِزُونَ ٱلذَّهَبَ وَٱلْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } ، قال ابن عمر رضي الله عنهما: كل ما تؤدّى زكاته فليس بكنز وإن كان مدفوناً. وكل مالٍ لا تُؤدّي زكاته فهو كنز، وإن لم يكن مدفوناً، ومثله عن ابن عباس. أخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر، أخبرنا عبد الغافر بن محمد أخبرنا محمد بن عيسى الجلودي، حدثنا إبراهيم بن محمد بن سفيان، حدثنا مسلم بن الحجاج، حدثني سويد بن سعيد، حدثنا حفص بن ميسرة عن زيد بن أسلم أن أبا صالح ذكوان أخبره أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " مَا مِنْ صاحب ذهبٍ ولا فِضّةٍ لا يؤدي منها حقّها إلاّ إذا كان يومُ القيامة صُفّحتْ له صفائحُ من نار، فأحمي عليها في نار جهنم فيُكوى بها جبينُه، وظهرُه، كلما بردت أُعيدت له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يُقضى بين العباد، فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار، ولا صاحبَ إبلٍ لا يُؤدي منها حقّها، ومن حقها حلبها يوم وِرْدِها إلاّ إذا كان يوم القيامة، بُطِحَ لها بقاع قرقر، أوفر ما كانت لا يفقد منها فصيلاً واحداً، تطؤه بأخفافِها، وتعضّه بأفواهها، كلّما مرّ عليه أُوْلاها رُدّ عليه أُخراها، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضي بين العباد، فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار، ولا صاحبَ بَقَرٍ ولا غنم، لا يُؤدي منها حقّها، إلاّ إذا كان يوم القيامة، بُطِحَ لها بقَاعٍ قرقرٍ لا يفقد منها شيئاً ليس فيها عقصاء، ولا جلحاء، ولا عضباءَ، تنطحه بقرونها، وتطؤُه بأظلافها، كلّما مرَّ عليه أُوْلاها، رُدّ عليه أخراها، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يَقضي الله بين العباد، فيرى سبيله إمّا إلى الجنة وإما إلى النار ". وروينا عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من آتاه الله مالاً فلم يؤدِ زكاتَه، مُثِّلَ له مالُه يوم القيامة شجاعاً أقرع، له زبيبتان يُطوّقه يوم القيامة، فيأخذ بِلِهْزمتَيْه، يعني: شِدْقيه، ثم يقول: أنا مالُك، أنا كنزُك "

السابقالتالي
2