الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَٰوتَك سَكَنٌ لَّهُمْ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }

{ خُذْ مِنْ أَمْوَٰلِهِمْ } ، ولم يقل: خذ أموالهم. قال الحسن وقتادة: هؤلاء سوى الثلاثة الذين خُلّفوا. قوله تعالى: { خُذْ مِنْ أَمْوَٰلِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ } ، بها من ذنوبهم، { وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا } ، أي: ترفعهم من منازل المنافقين إلى منازل المخلصين. وقيل: تنمِّي أموالهم، { وَصَلِّ عَلَيْهِمْ } ، أي: ادْعُ لهم واستغفرْ لهم. وقيل: هو قول الساعي [للمصدّق] إذا أخذ الصدقة منه: آجَرَكَ اللَّهُ فيما أعطيتَ وبارَكَ لكَ فيما أبقيت. والصلاةُ في اللغة: الدعاء. { إِنَّ صَلَوَٰتَكَ } قرأ حمزة والكسائي: «صلاتَك» على التوحيد ونصب التاء هاهنا، وفي سورة هود: «أصلاتك» وفي سورة المؤمنين: «على صلاتهم» [كلهن على التوحيد]، وَافَقَهُما حفصٌ هاهنا وفي سورة هود. وقرأ الآخرون بالجمع فيهن ويكسرون التاء هاهنا. { سَكَنٌ لَّهُمْ } ، أي: إن دعاءك رحمة لهم، قاله ابن عباس. وقيل: طمأنينة لهم، وسكون لهم، أن الله عزّ وجلّ قد قَبِلَ منهم. وقال أبو عبيدة: تثبيتٌ لقلوبهم. { وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }. واختلفوا في وجوب الدعاء على الإِمام عند أخذ الصدقة: فقال بعضهم: يجب. وقال بعضهم: يُستحب. وقال بعضهم: يجب في صدقة الفرض ويستحب في صدقة التطوع. وقيل: يجب على الإِمام ويستحب للفقير أن يدعو للمعطي. أخبرنا عبدالواحد بن أحمد المليحي، أخبرنا أحمد بن عبدالله النعيمي، أخبرنا محمد بن يوسف، حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا آدم بن أبي إياس، حدثنا شعبة عن عمرو بن مرة قال: سمعت عبدالله بن أبي أوْفَى - وكان من أصحاب الشجرة ـ قال: " كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم إذا أتاه قومُه بصدقةٍ قال: «اللّهمَّ صلِّ عليهم»، فأتاه أبي بصدقته فقال: «اللهمّ صلِّ على آل أبي أَوْفى» ". وقال ابن كيسان: ليس هذا في صدقة الفرض إنما هو صدقة كفارة اليمين. وقال عكرمة: هي صدقة الفرض، فلما نزلت توبة هؤلاء قال الذين لم يتوبوا من المتخلّفين: هؤلاء كانوا معنا بالأمس لا يُكَلَّمُونَ ولا يُجَالَسُون، فما لهم؟ فقال تعالى: { أَلَمْ يَعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ ٱلتَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ ٱلصَّدَقَاتِ }.