الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِّنَ ٱلأَعْرَابِ مُنَٰفِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ ٱلْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى ٱلنِّفَاقِ لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَىٰ عَذَابٍ عَظِيمٍ }

قوله تعالى: { وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ ٱلأَعْرَابِ مُنَـٰفِقُونَ } ، وهم من مُزينة وجُهينة وأشجع وأسلم وغفار، كانت منازلهم حول المدينة، يقول: من هؤلاء الأعراب منافقون، { وَمِنْ أَهْلِ ٱلْمَدِينَةِ } ، أي: ومن أهل المدينة من الأَوس والخزرج قوم منافقون، { مَرَدُواْ عَلَى ٱلنِّفَاقِ } ، أي: مرنوا على النفاق، يقال: تمرد فلان على ربِّه أي: عتا ومرد على معصيته. أي: مرن وثبت عليها واعتادها. ومنه: المريد والمارد. وقال ابن إسحاق: لجوا فيه وأبوا غيرَه. وقال ابن زيد: أقاموا عليه ولم يتوبوا. { لاَ تَعْلَمُهُمْ } ، أنتَ يا محمد، { نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ } ، اختلفوا في هذين العذابين. قال الكلبي والسدي: " قام النبي صلى الله عليه وسلم خطيباً يوم الجمعة فقال: «اخْرُجْ يا فلان فإنّك منافق اخرج يا فلان. أخرجَ ناساً من المسجد وفضحهم، فهذا هو العذاب الأول. والثاني: عذاب القبر» ". وقال مجاهد: الأول: القتل والسبي، والثاني: عذاب القبر. عنه رواية أخرى: عُذِّبُوا بالجوع مرتين. وقال قتادة: الدُّبَيْلة في الدنيا وعذاب القبر. وقال ابن زيد: الأولى المصائب في الأموال والأولاد في الدنيا، والأُخرى عذاب الآخرة. وعن ابن عباس: الأولى إقامة الحدود عليهم، والأُخرى عذاب القبر. وقال ابن إسحاق: هو ما يدخل عليهم من غيظ الإِسلام ودخولهم فيه من غير حسبة ثم عذاب القبر. وقيل: إحداهما ضرب الملائكة وجوههم وأدبارهم عند قبض أرواحهم، والأخرى عذاب القبر. وقيل: الأولى إحراق مسجدهم، مسجد الضرار، والأخرى إحراقهم بنار جهنم. { ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَىٰ عَذَابٍ عَظِيمٍ } ، أي: إلى عذاب جهنم يخلدون فيه.