الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلْفَجْرِ } * { وَلَيالٍ عَشْرٍ } * { وَٱلشَّفْعِ وَٱلْوَتْرِ }

{ وَٱلْفَجْرِ } أقسم الله عزّ وجلّ بالفجر، روى أبو صالح عن ابن عباس قال: هو انفجار الصبح كل يوم وهو قول عكرمة وقال عطية عنه: صلاة الفجر. وقال قتادة: هو فجر أول يوم من المحرم تنفجر منه السَّنة. وقال الضحاك: فجر ذي الحجة لأنه قرنت به الليالي العشر. { وَلَيالٍ عَشْرٍ } ، روي عن ابن عباس: أنها العشر الأوَل من ذي الحجة. وهو قول مجاهد وقتادة والضحاك والسدي والكلبي. وقال أبو روق عن الضحاك: هي العشر الأواخر من شهر رمضان. وروى أبو ظبيان عن ابن عباس قال: هي العشر الأول من شهر رمضان. وقال يمان بن رباب: هي العشر الأول من المحرم التي عاشِرُها يوم عاشوراء. { وَٱلشَّفْعِ وَٱلْوَتْرِ } ، قرأ حمزة والكسائي: " الوِتْر " بكسر الواو، وقرأ الآخرون بفتحها، واختلفوا في الشفع والوتر، قيل: " الشفع ": الخلق، قال الله تعالى: { وَخَلَقْنَـٰكُمْ أَزْوَٰجاً } و " الوَتْر ": هو الله عزّ وجلّ. روي ذلك عن ابن مسعود وعن، أبي سعيد الخدري وهو قول عطية العوفي. وقال مجاهد ومسروق: " الشفع " الخلق كله، كما قال الله تعالى:وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ } [الذاريات: 49]، الكفر والإيمان، الهدى والضلالة، والسعادة والشقاوة، والليل والنهار، والسماء والأرض، والبر والبحر، والشمس والقمر، والجن والإنس، والوتر هو الله قال الله تعالى:قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ } [الإخلاص: 1]. قال الحسن وابن زيد: " الشفع والوتر ": الخلق كله منه شفع ومنه وتر. وروى قتادة عن الحسن قال: هو العدد منه شفع ومنه وتر. وقال قتادة: هما الصلوات منها شفع ومنها وتر. وروى ذلك عن عمران بن حصين مرفوعاً وروى عطية عن ابن عباس: الشفع صلاة الغداة والوتر صلاة المغرب. وعن عبد الله بن الزبير قال: " الشفع ": يوم النفر الأول و " الوتر ": يوم النفر الأخير. روي أن رجلاً سأله عن الشفع والوتر والليالي العشر؟ فقال: أما الشفع والوتر: فقول الله عزّ وجلّ:فَمَن تَعَجَّلَ فِى يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلاۤ إِثْمَ عَلَيْهِ } [البقرة: 203] فهما الشفع والوتر، وأما الليالي العشر: فالثمان وعرفة النحر. وقال مقاتل بن حيان: " الشفع ": الأيام والليالي و " الوتر ": اليوم الذي لا ليلة بعده وهو يوم القيامة. وقال الحسين بن الفضل: " الشفع ": درجات الجنة لأنها ثمان، و " الوتر " دركات النار لأنها سبع، كأنه أقسم بالجنة والنار. وسئل أبو بكر الوراق عن الشفع والوتر فقال: " الشفع ": تضاد أخلاق المخلوقين من العز والذل، والقدرة والعجز، والقوة والضعف، والعلم والجهل، والبصر والعمى، و " الوتر ": انفراد صفات الله عِزٌّ بلا ذُلّ، وقدرة بلا عجز، وقوة بلا ضعف. وعلم بلا جهل، وحياة بلا ممات.