الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ ثُمَّ لاَ يَمُوتُ فِيهَا وَلاَ يَحْيَا } * { قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ } * { وَذَكَرَ ٱسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّىٰ }

{ ثُمَّ لاَ يَمُوتُ فِيهَا } ، فيستريح، { وَلاَ يَحْيَى } ، حياة تنفعه. { قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ } ، تطَّهر من الشرك وقال: لا إله إلا الله، هذا قول عطاء وعكرمة، ورواية الوالبي وسعيد بن جبير عن ابن عباس. وقال الحسن: من كان عمله زاكياً. وقال آخرون: هو صدقة الفطر روي عن أبي سعيد الخدري في قوله: { قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ } قال: أعطى صدقة الفطر. { وَذَكَرَ ٱسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّىٰ } ، قال خرج إلى العيد فصلى، فكان ابن مسعود يقول: رحم الله امرءاً تصدق ثم صلى، ثم يقرأ هذه الآية. وروى نافع: كان ابن عمر إذا صلى الغداة - يعني من يوم العيد - قال: يا نافع أَخْرَجتَ الصدقة؟ فإن قلتُ: نعم مضى إلى المصلى، وإن قلت: لا قال: فالآن فأخْرِجْ فإنما نزلت هذه الآية في هذا { قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ * وَذَكَرَ ٱسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّىٰ }. وهو قول أبي العالية وابن سيرين. وقال بعضهم: لا أدري ما وجه هذا التأويل؟ لأن هذه السورة مكية ولم يكن بمكة عيد ولا زكاة فطر. قال الشيخ الإمام محيي السنة رحمه الله: يجوز أن يكون النزول سابقاً عل الحكم كما قال: { وَأَنتَ حِلٌّ بِهَـٰذَا ٱلْبَلَدِ } فالسورة مكية، وظهر أثر الحل يوم الفتح حتى قال عليه الصلاة والسلام: " أحلت لي ساعة من نهار " وكذلك نزل بمكة:سَيُهْزَمُ ٱلْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ ٱلدُّبُرَ } [القمر: 45] قال عمر بن الخطاب: كنت لا أدري أي جمع يهزم، فلما كان يوم بدر رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يَثبُ في الدرع ويقول: سيهزم الجمع ويولون الدبر { وَذَكَرَ ٱسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّىٰ } أي: وذكر ربه فصلى، قيل: الذكر: تكبيرات العيد والصلاة: صلاة العيد، وقيل: الصلاة ها هنا الدعاء.