الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ فَلْيَنظُرِ ٱلإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ } * { خُلِقَ مِن مَّآءٍ دَافِقٍ } * { يَخْرُجُ مِن بَيْنِ ٱلصُّلْبِ وَٱلتَّرَآئِبِ } * { إِنَّهُ عَلَىٰ رَجْعِهِ لَقَادِرٌ } * { يَوْمَ تُبْلَىٰ ٱلسَّرَآئِرُ }

{ فَلْيَنظُرِ ٱلإِنسَـٰنُ مِمَّ خُلِقَ } ، أي من أي شيء خلقه ربه، أي فلينظر نظر المتفكر. ثم بيَّن فقال: { خُلِقَ مِن مَّآءٍ دَافِقٍ } ، مدفوق أي مصبوب في الرحم، وهو المني، فاعل بمعنى مفعول كقوله:عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ } [الحاقة: 21]، أي مرضية والدفق: الصب وأراد ماء الرجل وماء المرأة لأن الولد مخلوق منهما، وجعله واحداً لامتزاجهما. { يَخْرُجُ مِن بَيْنِ ٱلصُّلْبِ وَٱلتَّرَآئِبِ } ، يعني صلب الرجل وترائب المرأة و " الترائب ": جمع التَّرِبية وهي عظام الصدر والنحر. قال ابن عباس: هي موضع القلادة من الصدر. وروى الوالبي عنه: بين ثديي المرأة. وقال قتادة: النحر: وقال ابن زيد: الصدر. { إِنَّهُ عَلَىٰ رَجْعِهِ لَقَادِرٌ } ، قال مجاهد: على رد النطفة في الإحليل. وقال عكرمة: على رد الماء في الصلب الذي خرج منه. وقال الضحاك: إنه على ردّ الإنسان ماءً كما كان من قبل لقادر. وقال مقاتل بن حيان: إن شاء رده من الكبر إلى الشباب ومن الشباب إلى الصبا ومن الصبا إلى النطفة وقال ابن زيد: إنه على حبس ذلك الماء لقادر حتى لا يخرج وقال قتادة: إن الله تعالى على بعث الإنسان وإعادته قادر. وهذا أولى الأقاويل لقوله: { يَوْمَ تُبْلَىٰ ٱلسَّرَآئِرُ } ، وذلك يوم القيامة تبلى السرائر تظهر الخفايا قال قتادة ومقاتل: تختبر الأعمال قال عطاء بن أبي رباح: السرائر فرائض الأعمال، كالصوم والصلاة والوضوء والاغتسال من الجنابة، فإنها سرائر بين الله تعالى وبين العبد، فلو شاء العبد لقال: صمتُ ولم يصم، وصليتُ ولم يصل، واغتسلت ولم يغتسل، فيختبر حتى يظهر من أداها ممن ضيّعها. قال ابن عمر: بيدي الله عزّ وجلّ يوم القيامة كل سر فيكون زيناً في وجوه وشيناً في وجوه، يعني: من أداها كان وجهه مشرقاً، ومن ضيّعها كان وجهه أغبر.