الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ إِذَا ٱلسَّمَآءُ ٱنفَطَرَتْ } * { وَإِذَا ٱلْكَوَاكِبُ ٱنتَثَرَتْ } * { وَإِذَا ٱلْبِحَارُ فُجِّرَتْ } * { وَإِذَا ٱلْقُبُورُ بُعْثِرَتْ } * { عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ } * { يٰأَيُّهَا ٱلإِنسَٰنُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ ٱلْكَرِيمِ } * { ٱلَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ }

{ إِذَا ٱلسَّمَآءُ ٱنفَطَرَتْ } ، انشقت. { وَإِذَا ٱلْكَوَاكِبُ ٱنتَثَرَتْ } ، تساقطت. { وَإِذَا ٱلْبِحَارُ فُجِّرَتْ } ، فُجِّر بعضها في بعض واختلط العذب بالملح فصارت بحراً واحداً. وقال الربيع: " فجرت ": فاضت. { وَإِذَا ٱلْقُبُورُ بُعْثِرَتْ } ، بحثت وقلب ترابها وبعث ما فيها من الموتى أحياءً، يقال: بعثرت الحوض وبحثرته إذا قلبته فجعلت أسفله أعلاه. { عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ } ، قيل: " ما قدمت " من عمل صالح أو سيئ، و " أخرت " من سنة حسنة أو سيئة. وقيل: " ما قدمت " من الصدقات و " أخرت " من التركات، على ماذكرنا في قوله:يُنَبَّأُ ٱلإِنسَانُ يَوْمَئِذِ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ } [القيامة: 13]. { يٰأَيُّهَا ٱلإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ ٱلْكَرِيمِ } ، ما خدعك وسوَّل لك الباطل حتى أضعت ما وجب عليك، والمعنى: ماذا أمنك من عذابه؟ قال عطاء: نزلت في الوليد بن المغيرة. وقال الكلبي ومقاتل: نزلت في الأسود بن شريق ضرب النبي صلى الله عليه وسلم فلم يعاقبه الله عزّ وجلّ، فأنزل الله هذه الآية يقول: ما الذي غرك بربك الكريم المتجاوز عنك إذ لم يعاقبك عاجلاً بكفرك؟ قال قتادة: غره عدوه المسلط عليه يعني الشيطان قال مقاتل: غره عفو الله حين لم يعاقبه في أول مره. وقال السدي: غره رفق الله به. وقال ابن مسعود: ما منكم من أحد إلا سيخلو الله به يوم القيامة. فيقول: يا ابن آدم ما غرك بي؟ يا ابن آدم ماذا عملت فيما علمت؟ يا ابن آدم ماذا أجبت المرسلين؟. وقيل للفضيل بن عياض: لو أقامك الله يوم القيامة فقال: يا فضيل ما غرك بربك الكريم؟ ماذا كنت تقول؟ قال: أقول غرني ستورك المرخاة. وقال يحيى بن معاذ: لو أقامني بين يديه فقال: ما غرك بي؟ فأقول: غرني بك بِرُّك بي سالفاً وآنفاً. وقال أبو بكر الوراق: لو قال لي: ما غرك بربك الكريم؟ لقلت: غرني كرم الكريم. قال بعض أهل الإشارة: إنما قال بربك الكريم دون سائر أسمائه وصفاته كأنه لقنه الإجابة حتى يقول: غرني كرم الكريم. { ٱلَّذِى خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ } ، قرأ أهل الكوفة وأبو جعفر " فَعَدَلَكَ " بالتخفيف صرفك وأمالك إلى أي صورة شاء حسناً وقبيحاً وطويلاً وقصيراً. وقرأ الآخرون بالتشديد أي قومك وجعلك معتدل الخلق والأعضاء. { فِيۤ أَيِّ صُورَةٍ مَّا شآءَ رَكَّبَك } ، قال مجاهد والكلبي ومقاتل: في أي شبه من أب أو أم أو خال أو عم. وجاء في الحديث: " إن النطفة إذا استقرت في الرحم أحضر كل عرق بينه وبين آدم ثم قرأ { فِىۤ أَىِّ صُورَةٍ مَّا شاءَ رَكَّبَكَ } ". وذكر الفراء قولاً آخر: { فِيۤ أَىِّ صُورَةٍ مَّا شآءَ رَكَّبَكَ } إن شاء في صورة إنسان وإن شاء في صورة دابة، أو حيوان آخر.