الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ ثُمَّ إِذَا شَآءَ أَنشَرَهُ } * { كَلاَّ لَمَّا يَقْضِ مَآ أَمَرَهُ } * { فَلْيَنظُرِ ٱلإِنسَانُ إِلَىٰ طَعَامِهِ } * { أَنَّا صَبَبْنَا ٱلْمَآءَ صَبّاً } * { ثُمَّ شَقَقْنَا ٱلأَرْضَ شَقّاً } * { فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبّاً } * { وَعِنَباً وَقَضْباً } * { وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً } * { وَحَدَآئِقَ غُلْباً } * { وَفَاكِهَةً وَأَبّاً }

{ ثُمَّ إِذَا شَآءَ أَنشَرَهُ } ، أحياه بعد موته. { كَلاَّ } ، رداً عليه أي: ليس كما يقول ويظن هذا الكافر وقال الحسن: حقاً. { لَمَّا يَقْضِ مَآ أَمَرَهُ } ، أي لم يفعل ما أمره الله به ولم يؤد ما فرض عليه، ولما ذكر خلق ابن آدم ذكر رزقه ليعتبر فقال: { فَلْيَنظُرِ ٱلإِنسَـٰنُ إِلَىٰ طَعَامِهِ } ، كيف قدره ربه ودبره له وجعله سبباً لحياته. وقال مجاهد: إلى مدخله ومخرجه. ثم بَيَّن فقال: { أَنّا } قرأ أهل الكوفة " أَنَّا " بالفتح على تكرير الخافض، مجازه: فلينظر إلى أنا، وقرأ الآخرون بالكسر على الاستئناف. { صَبَبْنَا ٱلْمَآءَ صَبّاً } ، يعني المطر. { ثُمَّ شَقَقْنَا ٱلأَرْضَ شَقّاً } بالنبات. { فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبّاً } ، يعني الحبوب التي يُتغذى بها. { وَعِنَباً وَقَضْباً } ، وهو القت الرطب، سمي بذلك لأن يقضب في كل الأيام أي يقطع. وقال الحسن: القضب: العلف للدواب. { وَزَيْتُوناً } ، وهو ما يعصر منه الزيت، { وَنَخْلاً } ، جمع نخلة. { وَحَدَآئِقَ غُلْباً } ، غلاظ الأشجار واحدها أغلب، ومنه قيل لغليظ الرقبة: أغلب. وقال مجاهد ومقاتل: الغُلْب: الشجر الملتفة بعضها في بعض، قال ابن عباس: طوالاً. { وَفَـٰكِهَةً } ، يريد ألوان الفواكه، { وَأَبّاً } ، يعني الكلأ والمرعى الذي لم يزرعه الناس، مما يأكله الأنعام والدواب. قال عكرمة: " الفاكهة " ما يأكله الناس، و " الأَبُّ " ما يأكله الدواب. ومثله عن قتادة قال: الفاكهة لكم والأَبُّ لأنعامكم. وقال سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: ما أنبتت الأرض مما يأكل الناس والأنعام. وروي عن إبراهيم التيمي أن أبا بكر سئل عن قوله: " وفاكهة وأبّاً " فقال: أيّ سماء تظلني وأيّ أرض تقلني إذا قلت في كتاب الله ما لا أعلم. وروى ابن شهاب عن أنس أنه سمع عمر بن الخطاب قرأ هذه الآية ثم قال: كل هذا قد عرفنا فما الأبُّ؟ ثم رفع عصاً كانت بيده وقال: هذا والله لَعَمْرُ الله التكلف، وما عليك يا ابن أم عمر أن لا تدري ما الأبُّ، ثم قال: اتبعوا ما تبين لكم من هذا الكتاب، وما لا تبين فدعوه.