الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ مَّرْفُوعَةٍ مُّطَهَّرَةٍ } * { بِأَيْدِي سَفَرَةٍ } * { كِرَامٍ بَرَرَةٍ } * { قُتِلَ ٱلإِنسَانُ مَآ أَكْفَرَهُ } * { مِنْ أَيِّ شَيءٍ خَلَقَهُ } * { مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ } * { ثُمَّ ٱلسَّبِيلَ يَسَّرَهُ } * { ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ }

{ مَّرْفُوعَةٍ } ، رفيعة القدر عند الله عزّ وجلّ وقيل: مرفوعة يعني في السماء السابعة. { مُّطَهَّرَةٍ } ، لا يمسها إلا المطهرون، وهم الملائكة. { بِأَيْدِي سَفَرَةٍ } ، قال ابن عباس ومجاهد: كَتَبَة، وهم الملائكة الكرام الكاتبون، واحدهم سافر، يقال: سفرت أي كتبت. ومنه قيل للكاتب: سافر وللكتاب: سِفْرٌ وجمعه: أسفار. وقال الآخرون: هم الرسل من الملائكة واحدهم سفير، وهو الرسول، وسفير القوم الذي يسعى بينهم للصلح، وسفرت بين القوم إذا أصلحت بينهم. ثم أثنى عليهم فقال: { كِرَامٍ بَرَرَةٍ } ، أي: كرامٍ على الله بررة مطيعين جمع بار. قوله عزّ وجلّ: { قُتِلَ ٱلإِنسَـٰنُ } ، أي لعن الكافر. قال مقاتل: نزلت في عتبة بن أبي لهب { مَآ أَكْفَرَهُ } ، ما أشد كفره مع كثرة إحسانه إليه وأياديه عنده، على طريق التعجب، قال الزجَّاج: معناه اعجبوا أنتم من كفره. وقال الكلبي ومقاتل: هو " ما " الاستفهام، يعني: أي شيء حمله على الكفر؟ ثم بيَّن من أمره ما كان ينبغي معه أن يعلم أن الله خالقه فقال: { مِنْ أَىِّ شَىْءٍ خَلَقَهُ } ، لفظه استفهامٌ ومعناه التقرير. ثم فسره فقال: { مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ } ، أطواراً: نطفة ثم علقة إلى آخر خلقه قال الكلبي: قدَّر خلقه رأسه وعينيه ويديه ورجليه. { ثُمَّ ٱلسَّبِيلَ يَسَّرَهُ } ، أي طريق خروجه من بطن أمه. قاله السدي ومقاتل، والحسن ومجاهد: يعني طريق الحق والباطل سهل له العلم به، كما قال:إِنَّا هَدَيْنَـٰهُ ٱلسَّبِيلَ } [الإنسان: 3]وَهَدَيْنَـٰهُ ٱلنَّجْدَينِ } [البلد: 10]، وقيل: يسر على كل أحد ما خلقه له وقدَّره عليه. { ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ } ، جعل له قبراً يوارى فيه. قال الفراء: جعله مقبوراً ولم يجعله ممن يلقى كالسباع والطيور. يقال قبرت الميت إذا دفنته، وأقبره الله: أي صيَّره بحيث يقبر، وجعله ذا قبر، كما يقال: طردت فلاناً والله أطرده أي صيره طريداً.