الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ لَّوْلاَ كِتَابٌ مِّنَ ٱللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَآ أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } * { فَكُلُواْ مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلاَلاً طَيِّباً وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }

قوله تعالى: { لَّوْلاَ كِتَـٰبٌ مِّنَ ٱللَّهِ سَبَقَ } ، قال ابن عباس: كانت الغنائم حراماً على الأنبياء والأمم فكانوا إذا أصابوا شيئاً من الغنائم [جعلوه] للقربان، فكانت تنزل نار من السماء فتأكله، فلما كان يوم بدر أسرع المؤمنون في الغنائم وأخذوا الفداء، فأنزل الله عزّ وجلّ: " لولا كتابٌ من الله سبق " ، يعني: لولا قضاء من الله سبق في اللوح المحفوظ بأنه يحلّ لكم الغنائم. وقال الحسن ومجاهد وسعيد بن جبير: لولا كتاب من الله سبق أنه لا يعذب أحداً ممن شهد بدراً مع النبي صلى الله عليه وسلم. وقال ابن جريج: لولا كتاب من الله سبق أنه لا يضل قوماً بعد إذْ هداهم حتى يُبيّنَ لهم ما يتقون الآية، وأنه لا يؤاخذ قوماً فعلوا أشياء بجهالة { لَمَسَّكُمْ } ، لَنْا لَكُمْ وأصابكم، { فِيمَآ أَخَذْتُمْ } ، من الفداء قبل أن تؤمروا به، { عَذَابٌ عَظِيمٌ }. قال ابن إسحاق: لم يكن من المؤمنين أحد ممن حضر إلاّ حبّ الغنائم إلاّ عمر بن الخطاب فإنه أشار على رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل الأسرى، وسعد بن معاذ قال: يا رسول الله كان الإثخان في القتل أحبّ إليّ من استبقاء الرجال، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لو نزل عذاب من السماء ما نجا منه غير عمر بن الخطاب وسعد بن معاذ ". فقال الله تعالى: { فَكُلُواْ مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَـٰلاً طَيِّباً وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } ، رُوي أنه لما نزلت الآية الأولى كفّ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أيديهم عما أخذوا من الفداء، فنزل: { فَكُلُواْ مِمَّا غَنِمْتُمْ } الآية. ورُوِّينا عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أُحلتْ لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي ". أخبرنا حسان بن سعيد المنيعي أنا أبو طاهر الزيادي، أنا محمد بن الحسين القطان، ثنا أحمد بن يوسف السلمي، ثنا عبد الرزاق، أنبأنا معمر عن همام، ثنا أبو هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لم تحلّ الغنائمُ لأحد من قبلنا، وذلك بأنّ الله رأى ضعفنا وعجزنا فطيّبها لنا ".