الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ ذٰلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّٰمٍ لِّلْعَبِيدِ } * { كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَفَرُواْ بِآيَاتِ ٱللَّهِ فَأَخَذَهُمُ ٱللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ ٱللَّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ } * { ذٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَىٰ قَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } * { كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذَّبُواْ بآيَاتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنَآ آلَ فِرْعَونَ وَكُلٌّ كَانُواْ ظَالِمِينَ }

{ ذَلِكَ } أي: ذلك الضرب الذي وقع بكم، { بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ } ، أي: بما كسبت أيديكم، { وَأَنَّ ٱللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّـٰمٍ لِّلْعَبِيدِ }. { كَدَأْبِ ءَالِ فِرْعَوْنَ } ، كفعل آل فرعون وصنيعهم وعادتهم، معناه: أن عادة هؤلاء في كفرهم كعادة آل فرعون. قال ابن عباس: هو أن آل فرعون أيقنوا أن موسى نبي من الله فكذّبوه، كذلك هؤلاء جاءهم محمد صلى الله عليه وسلم بالصدق فكذبوه، فأنزل الله بهم عقوبته كما أنزل بآل فرعون، { وَٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } ، أي: { كَفَرُواْ بِآيَـٰتِ ٱللَّهِ فَأَخَذَهُمُ ٱللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ ٱللَّهَ قَوِىٌّ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ }. { ذَٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَىٰ قَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ } ، أراد أن الله تعالى لا يغيّر ما أنعم على قوم حتى يغيِّروا هم ما بهم، بالكفران وترك الشكر، فإذا فعلوا ذلك غيّر الله ما بهم، فسلبهم النعمة. وقال السدي: نعمة الله محمد صلى الله عليه وسلم أنعم الله به على قريش وأهل مكة، فكذّبوه وكفروا به فنقله الله إلى الأنصار، { وَأَنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }. { كَدَأْبِ ءَالِ فِرْعَوْنَ } ، كصنيع آل فرعون، { وَٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } ، من كفار الأمم، { كَذَّبُواْ بآيَـٰتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْنَـٰهُمْ بِذُنُوبِهِمْ } ، أهلكنا بعضهم بالرجفة، وبعضهم بالخسف وبعضهم بالمسخ، وبعضهم بالريح، وبعضهم بالغرق، فكذلك أهلكنا كفار بدر بالسيف، لمَّا كذّبوا بآيات ربَهم، { وَأَغْرَقْنَآ ءَالَ فِرْعَونَ وَكُلٌّ كَانُواْ ظَـٰلِمِينَ } ، يعني: الأولين والآخرين.