الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ لِيَمِيزَ ٱللَّهُ ٱلْخَبِيثَ مِنَ ٱلطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ ٱلْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَىٰ بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْخَاسِرُونَ } * { قُل لِلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُمْ مَّا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُواْ فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الأَوَّلِينَ }

{ لِيَمِيزَ الله الخَبِيثَ } [في سبيل الشيطان]، { مِنَ ٱلطَّيِّبِ } ، يعني: الكافر من المؤمن فينزل المؤمن الجنان والكافر النيران. وقال الكلبي: العمل الخبيث من العمل الصالح الطيب، فيثيب على الأعمال الصالحة الجنة، وعلى الأعمال الخبيثة النار. وقيل: يعني الإنفاق الخبيث في سبيل الشيطان من الإنفاق الطيب في سبيل الله. { وَيَجْعَلَ ٱلْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَىٰ بَعْضٍ } ، أي: فوق بعض، { فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً } ، أي: يجمعه. ومنه السحاب المركوم، وهو المجتمع الكثيف، فيجعله في جهنم { أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْخَـٰسِرُونَ } ، ردّه إلى قوله: { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَٰلَهُمْ...أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ } الذين خسرت تجارتهم، لأنهم اشتروا بأموالهم عذاب الآخرة. { قُل لِلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِن يَنتَهُواْ } ، عن الشرك { يُغْفَرْ لَهُمْ مَّا قَدْ سَلَفَ } ، أي: ما مضى من ذنوبهم قبل الإسلام، { وَإِن يَعُودُواْ فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ ٱلأَوَّلِينِ } ، في نصر الله أنبياءه وإهلاك أعدائه. قال يحيى بن معاذ الرازي: توحيدكم لم يعجزْ عن هدم ما قبله من كفر، أرجو أن لا يعجزَ عن هدم ما بعده من ذنب.