الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ قَالُواْ ٱللَّهُمَّ إِن كَانَ هَـٰذَا هُوَ ٱلْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ أَوِ ٱئْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } * { وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ }

قوله تعالى: { وَإِذْ قَالُواْ ٱللَّهُمَّ إِن كَانَ هَـٰذَا هُوَ ٱلْحَقَّ مِنْ عِندِكَ } ، الآية نزلت في النضر بن الحارث من بني عبد الدار. قال ابن عباس: لما قصّ رسول الله صلى الله عليه وسلم شأن القرون الماضية، قال النضر: لو شئت لقلت مثل هذا إنّ هذا إلا أساطير الأولين - أي: ما هذا إلا سطره الأولون في كتبهم - فقال له عثمان بن مظعون رضي الله عنه: اتّقِ الله فإن محمداً يقول الحق، قال: فأنا أقول الحق، قال عثمان: فإن محمداً يقول لا إله إلاّ الله، قال: وأنا أقول لا إله إلاّ الله، ولكن هذه بنات الله، يعني الأصنام، ثم قال: اللّهم إن كان هذا الذي يقول محمد هو الحق من عندك، - " والحق " نصب بخبر كان، وهو عمادٌ وصِلَةٌ -، { فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ } ، كما أمطرتها على قوم لوط، { أَوِ ٱئْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } ، أي: ببعض ما عذبت به الأمم، وفيه نزل:سَأَلَ سَآئِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ } [المعارج: 1]. وقال عطاء: لقد نزل في النضر بن الحارث بضع عشرة آية فحاق به ما سأل من العذاب يوم بدر. قال سعيد بن جبير: قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر ثلاثةً من قريش صبراً: طُعيمة بن عدي،وعقبة بن أبي مُعيط، والنضر بن الحارث. وروى أنس رضي الله عنه أن الذي قاله أبو جهل. أخبرنا عبدالواحد بن أحمد المليحي، أنا أحمد بن عبدالله النعيمي حدثنا محمد بن يوسف، ثنا محمد بن إسماعيل، ثنا محمد بن النضر ثنا عبيدالله بن معاذ، ثنا أبي، ثنا شعبة، عن عبدالحميد صاحب الزيادي، سمع أنس بن مالك قال: قال أبو جهل: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطرْ علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم، فنزلت: { وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ وَمَا لَهم ألاّ يعذِّبهُم الله }. قوله تعالى: { وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ } ، اختلفوا في معنى هذه الآية، فقال محمد بن إسحاق: هذا حكاية عن المشركين أنهم قالوها وهي متصلة بالآية الأولى، وذلك أنهم كانوا يقولون: إن الله لا يعذبنا ونحن نستغفره، ولا يعذب أمّة ونبيُّها معها، فقال الله تعالى لنبيه يذكر جهالتهم وغرتهم واستفتاحهم على أنفسهم: " وإذْ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحقَّ منْ عندك " الآية، وقالوا: " وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهو يستغفرون " ، ثم قال ردّا عليهم: " ومَا لهم أَلاَّ يعذبهم الله "؟ وإن كنت بين أظهرهم وإن كانوا يستغفرون، " وهم يصدّون عن المسجد الحرام ".

السابقالتالي
2