الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ } * { وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ } * { إِنَّ شَرَّ ٱلدَّوَابِّ عِندَ ٱللَّهِ ٱلصُّمُّ ٱلْبُكْمُ ٱلَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ } * { وَلَوْ عَلِمَ ٱللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّواْ وَّهُمْ مُّعْرِضُونَ }

قوله تعالى: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ } أي: لا تُعرضوا عنه، { وَأَنتُمْ تَسْمَعُونَ } ، القرآن ومواعظه. { وَلاَ تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ قَالُواْ سَمِعْنَا وَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ } أي: يقولون بألسنتهم سمعنا بآذاننا وهم لا يسمعون، أي: لا يتّعظون ولا ينتفعون بسماعهم فكأنهم لم يسمعوا. قوله تعالى: { إِنَّ شَرَّ ٱلدَّوَآبِّ عند اللهِ } ، أي: شرّ من دبّ على وجه الأرض [من خلق الله]، { ٱلصُّمُّ ٱلْبُكْمُ } ، عن الحق فلا يسمعونه ولا يقولونه، { ٱلَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ } أَمْرَ الله عزّ وجلّ سمّاهم { ٱلدَّوَابِّ } لقلّة انتفاعهم بعقولهم كما قال تعالى:أُوْلَـٰئِكَ كَٱلأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ } [الأعراف: 179]، قال ابن عباس: هم نفر من بني عبدالدار بن قصي، كانوا يقولون: نحن صُمٌّ بُكمٌ عُمي عمّا جاء به محمد، فقُتلوا جميعاً بأُحد، وكانوا أصحاب اللّواء لم يسلم منهم إلا رجلان مصعب بن عُمير وسويبط بن حرملة. { وَلَوْ عَلِمَ ٱللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لأَسْمَعَهُمْ } أي: لأسمعهم سماع التفهّم والقبول، { وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ } ، بعد أن علم أنّ لا خير فيهم ما انتفعوا بذلك، { لَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعْرِضُونَ } ، لعنادهم وجحودهم الحق بعد ظهوره. وقيل: إنهم كانوا يقولون للنبي صلى الله عليه وسلم: أحيي لنا قصياً فإنه كان شيخاً مباركاً حتى يشهد لك بالنبوة فنؤمن بك، فقال الله عزّ وجلّ: " ولو أسمعهم " كلام قصي " لتولَّوا وهم معرضون ".