الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ وَسُيِّرَتِ ٱلْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَاباً } * { إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَاداً } * { لِّلطَّاغِينَ مَآباً } * { لاَّبِثِينَ فِيهَآ أَحْقَاباً } * { لاَّ يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْداً وَلاَ شَرَاباً } * { إِلاَّ حَمِيماً وَغَسَّاقاً } * { جَزَآءً وِفَاقاً } * { إِنَّهُمْ كَانُواْ لاَ يَرْجُونَ حِسَاباً } * { وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا كِذَّاباً } * { وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَاباً } * { فَذُوقُواْ فَلَن نَّزِيدَكُمْ إِلاَّ عَذَاباً } * { إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازاً } * { حَدَآئِقَ وَأَعْنَاباً } * { وَكَوَاعِبَ أَتْرَاباً } * { وَكَأْساً دِهَاقاً } * { لاَّ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلاَ كِذَّاباً } * { جَزَآءً مِّن رَّبِّكَ عَطَآءً حِسَاباً } * { رَّبِّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ٱلرَّحْمَـٰنِ لاَ يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَاباً } * { يَوْمَ يَقُومُ ٱلرُّوحُ وَٱلْمَلاَئِكَةُ صَفّاً لاَّ يَتَكَلَّمُونَ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ ٱلرَّحْمَـٰنُ وَقَالَ صَوَاباً } * { ذَلِكَ ٱلْيَوْمُ ٱلْحَقُّ فَمَن شَآءَ ٱتَّخَذَ إِلَىٰ رَبِّهِ مَآباً } * { إِنَّآ أَنذَرْنَاكُمْ عَذَاباً قَرِيباً يَوْمَ يَنظُرُ ٱلْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ ٱلْكَافِرُ يٰلَيْتَنِي كُنتُ تُرَاباً }

{ وَسُيِّرَتِ ٱلْجِبَالُ } ، عن وجه الأرض، { فَكَانَتْ سَرَاباً } أي هباءً منبثاً لعين الناظر كالسراب. { إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَاداً } طريقاً وممراً فلا سبيل لأحد إلى الجنة حتى يقطع النار. وقيل: " كانت مرصاداً " أي: معدة لهم، يقال: أرصدت له الشيء إذا أعددته له. وقيل: هو من رصدت الشيء أرصده إذا ترقبته. " والمرصاد ": المكان الذي يرصد الراصد فيه العدو. وقوله: { إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَاداً } ، أي ترصد الكفار. وروى مقسم عن ابن عباس: أن على جسر جهنم سبعة محابس يسأل العبد عند أولها عن شهادة أن لا إله إلا الله فإن أجابها تامة جاز إلى الثاني، فيسأل عن الصلاة فإن أجابها تامة جاز إلى الثالث، فيسأل عن الزكاة فإن أجابها تامة جاز إلى الرابع، فيسأل عن الصوم فإن جاء به تاماً جاز إلى الخامس، فيسأل عن الحج فإن جاء به تاماً جاز إلى السادس، فيسأل عن العمرة فإن أجابها تامة جاز إلى السابع، فيسأل عن المظالم فإن خرج منها وإلا يقال: انظروا فإن كان له تطوع أكمل بها أعماله، فإذا فرغ منه انطلق به إلى الجنة. { لِّلطَّاغِينَ } ، للكافرين، { مَآباً } ، مرجعاً يرجعون إليه. { لَّـٰبِثِينَ } ، قرأ حمزة ويعقوب: " لَبِثيْنَ " بغير ألف، وقرأ العامة: " لابثين " بالألف وهما لغتان. { فِيهَآ أَحْقَاباً } ، جمع حُقب، والحُقب الواحد: ثمانون سنة، كل سنة اثنا عشر شهراً، كل شهر ثلاثون يوماً، كل يوم ألف سنة. روي ذلك عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه. وقال مجاهد: " الأحقاب " ثلاثة وأربعون حقباً، كل حقب سبعون خريفاً، كل خريف سبعمائة سنة، كل سنة ثلاثمائة وستون يوماً، وكل يوم ألف سنة. قال الحسن: إن الله لم يجعل لأهل النار مدة، بل قال: { لَّـٰبِثِينَ فِيهَآ أَحْقاباً } فوالله ما هو إلا إذا مضى حقب دخل آخر ثم آخر إلى الأبد، فليس للأحقاب عدة إلا الخلود. روى السدي عن مُرَّة عن عبد الله قال: لو علم أهل النار أنهم يلبثون في النار عدد حصى الدنيا لفرحوا، ولو علم أهل الجنة أنهم يلبثون في الجنة عدد حصى الدنيا لحزنوا. وقال مقاتل بن حيان: الحقب الواحد سبع عشرة ألف سنة. قال: وهذه الآية منسوخة نسختها { فَلَن نَّزِيدَكُمْ إِلاَّ عذاباً } يعني أن العدد قد ارتفع والخلود قد حصل. { لاَّ يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْداً وَلاَ شَرَاباً } ، رُوي عن ابن عباس: أن البرد النوم، ومثله قال الكسائي و قال أبو عبيدة، تقول العرب: منع البردُ البردَ أي أذهب البرد النوم. وقال الحسن وعطاء: { لاَّ يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْداً } أي: روحاً وراحة.

السابقالتالي
2 3