الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّهَا لإِحْدَى ٱلْكُبَرِ } * { نَذِيراً لِّلْبَشَرِ } * { لِمَن شَآءَ مِنكُمْ أَن يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ } * { كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ } * { إِلاَّ أَصْحَابَ ٱلْيَمِينِ }

{ إِنَّهَا لإِحْدَى ٱلْكُبَرِ } ، يعني أن سقر لإحدى الأمور العظام، وواحد الكُبَر: كبرى، قال مقاتل والكلبي: أراد بالكُبَر: دركات جهنم وهي سبعة: جهنم ولظى والحطمة والسعير وسقر والجحيم والهاوية. { نَذِيراً لِّلْبَشَرِ } ، يعني النار نذيراً للبشر قال الحسن: والله ما أنذر الله بشيء أدهى منها. وهو نصب على القطع من قوله: " لإحدى الكبر " لأنها معرّفة، و " نذيراً " نكرة، قال الخليل: النذير مصدر كالنكير، ولذلك وصف به المؤنث، وقيل: هو من صفة الله سبحانه وتعالى، مجازه: وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة نذيراً للبشر أي إنذاراً لهم. قال أبو رزين يقول أنا لكم منها نذير، فاتقوها. وقيل: هو صفة محمد صلى الله عليه وسلم معناه: يا أيها المدثر قم نذيراً للبشر، فأنذر، وهذا معنى قول ابن زيد. { لِمَن شَآءَ } ، بدل من قوله " للبشر ": { مِنكُمْ أَن يتقَدَّمَ } ، في الخير والطاعة، { أَوْ يَتَأخَّرَ } ، عنها في الشر والمعصية، والمعنى: أن الإنذار قد حصل لكل واحدٍ ممن آمن أو كفر. { كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ } ، مرتهنة في النار بكسبها مأخوذة بعملها. { إِلاَّ أَصْحَـٰبَ ٱلْيَمِينِ } ، فإنهم لا يرتهنون بذنوبهم في النار ولكن يغفرها الله لهم. قال قتادة: علق الناس كلهم إلا أصحاب اليمين. واختلفوا فيهم: روي عن علي رضي الله عنه أنهم أطفال المسلمين. وروى أبو ظبيان عن ابن عباس: هم الملائكة. وقال مقاتل: هم أصحاب الجنة الذين كانوا على يمين آدم يوم الميثاق، حين قال الله لهم: هؤلاء في الجنة ولا أبالي. وعنه أيضاً: هم الذين أعطوا كتبهم بأيمانهم، وعنه أيضاً: هم الذين كانوا ميامين على أنفسهم. وقال الحسن: هم المسلمون المخلصون. وقال القاسم: كل نفس مأخوذة بكسبها من خير أو شر إلا من اعتمد على الفضل، وكل من اعتمد على الكسب فهو رهين به، ومن اعتمد على الفضل فهو غير مأخوذ به.